وثانيها: في إقامة الأجر موضع ضمير الخبر، لأنَّ الأصل: ونعم أجر العاملين جزاوُهم هو إيجاب إنجاز هذا الوعد، وتصوير صورة العمل في العمالة تنشيطاً للعامل.
وثالثها: في تعميم (الْعَامِلِينَ) وإقامته مقام المضمر الدلالة على حصول المطلوب للمذكورين بطريق برهاني. اهـ
قوله:(أي أنه مع كونه بياناً للمكذبين).
قال الطيبي: إشارة إلى أنَّ المراد بالناس المكذبون المخاطبون بقوله (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ)، أو الذين سبق ذكرهم من المتقين والتائبين والمصرين، والأولى أن يراد به الجنس؛ أي: بيان لجميع الناس لكن المنتفع به المتقون لأنهم يهتدون وينتجعون بوعظه. اهـ
قوله:(أو إلى ما لخص من أمر المتقين والتائبين، وقوله (قد خلت) اعتراض للبعث والتوبة).
قال الطَّيبي: الذي ذهبنا إليه أنَّ تلك الآيات واردة على سبيل الترغيب والترهيب لآكلي الربا، والمخاطبون بقوله (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ) هم الذين سبق خطابهم بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا)، وذلك أنه تعالى بعدما حذرهم من النار المعدة للكافرين وأمرهم بالمسارعة إلى نيل درجات الفائزين بيَّن لهم سوء عاقبة من كذب الأنبياء في ترغيبهم وترهيبهم؛ أي: إنذارهم وبشارتهم لأنهم ما بعثوا إلا لهما، فعلى هذا قوله تعالى (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ) إشارة إلى ما يخص المخاطبين من الترهيب والترغيب والحث، وقوله (قَد خَلَت) إلى قوله (وَلا تَهِنُوا) كالتخلص من قصة آكلي الربا التي استطردت لذكر المحاربة إلى ما جرى له الكلام من مجاهدة الكفار، وهذا أولى من جعلها معترضة لأنها توجب أن تجعل الآيات كلها موافقة لها، لأن المعترضة مؤكدة للمعترض بأن يقال: إنَّ تلك الآيات دلت على الترهيب والترغيب (وهذه الآية دلت على الترهيب)، ومعنى الترهيب راجع إلى الترغيب بحسب التضاد، وكما أنَّ بعض الآيات الواردة في الرحمن للوعيد تعد من الآلاء بحسب الزجر عن المعاصي وذلك تعسف. اهـ