التصور المفيد في ذهن المسلم عما للتوحيد من مكانة عالية ودرجة رفيعة سيعود-بإذن الله تعالى- عليه بالنفع في إيمانه بالله ﷿، فيولي هذا الجانب القدر الواجب له من الأهمية، كما يزيده ذلك رغبة في التفقه في مسائله ومباحثه وتفريعاته، والتي لا يستغني عنها طالب العلم الراغب في التزود من العلم النافع المفيد.
لا يخفى على المسلم أهمية الإيمان بالله، فهو أول أركان الإيمان، بل هو أعظمها، فما بقية الأركان إلا تبع له وفرع عنه، وهو أهم ما خلق لها الخلق وأرسلت به الرسل، وأنزلت به الكتب، وأسست عليه الملة، فالإيمان بالله هو أساس كل خير، ومصدر كل هداية، وسبب كل فلاح، ذلك لأن الإنسان لما كان مخلوقا مربوبا عاد في علمه وعمله إلى خالقه وباريه فبه يهتدي، وله يعمل، وإليه يصير، فلا غنى له عنه، وانصرافه إلى غيره هو عين هلاكه وفساده، والإنسان له بالله عن كل شيء عوض، وليس لكل شيء عن الله عوض، فليس للعبد صلاح ولا فلاح إلا بمعرفة ربه وعبادته، فإذا حصل له ذلك فهو الغاية المرادة له والتي خلق من أجلها، فما سوى ذلك إما فضل نافع، أو فضول غير نافعة، أو فضول ضارة، ولهذا صارت دعوة الرسل لأممهم إلى الإيمان بالله وعبادته، فكل رسول يبدأ دعوته بذلك كما يعلم من تتبع دعوات الرسل في القرآن.
وقد تناول العلماء محاسن التوحيد وفضائله ومقاصده في مواطن كثيرة من كتبهم، ومن تلك الأقوال:
• قال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ): " كل ما كانت حاجة العباد إلى الشيء أقوى وأتم كان بذله لهم أكثر وطرق وصولهم إليه أكثر وأسهل وهذا في الخلق والأمر فإن حاجتهم لما كانت إلى الهواء أكثر من الماء