للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقوت كان موجودا معهم في كل مكان وزمان وهو أكثر من غيره وكذلك لما كانت حاجتهم بعده إلى الماء شديدة إذ هو مادة أقواتهم ولباسهم وفواكههم وشرابهم كان مبذولا لهم أكثر من غيره وكذلك حاجتهم إلى القوت لما كانت أشد من حاجتهم إلى الإيواء كان وجود القوت أكثر وهكذا الأمر في مراتب الحاجات.

ومعلوم أن حاجتهم إلى معرفة ربهم وفاطرهم ومعبودهم فوق مراتب هذه الحاجات كلها فإنه لا سعادة لهم ولا فلاح ولا صلاح ولا نعيم إلا بأن يعرفوه ويعبدوه ويكون هو وحده غاية مطلوبهم ونهاية مرادهم وذكره والتقرب إليه قرة عيونهم وحياة قلوبهم فمتى فقدوا ذلك كانوا أسوأ حالا من الأنعام بكثير وكانت الأنعام أطيب عيشا منهم في العاجل وأسلم عاقبة في الآجل.

وإذا علم أن ضرورة العبد إلى معرفة ربه ومحبته وعبادته والتقرب إليه فوق كل ضرورة كانت الطرق المعرفة لهم ذلك أيسر طرق العلم على الإطلاق وأسهلها وأهداها وأقربها وبيان الرب تعالى لها فوق كل بيان" (١).

• قال ابن تيمية: "والقرآن كله مملوء من تحقيق هذا التوحيد والدعوة إليه، وتعليق النجاة والفلاح، واقتضاء السعادة في الآخرة به. ومعلوم أن الناس متفاضلون في تحقيقه، وحقيقته إخلاص الدين كله لله" (٢).

• قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ): "وفضائل هذه الكلمة وحقائقها وموقعها من الدين: فوق ما يصفه الواصفون ويعرفه العارفون؛ وهي


(١) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ١/ ٣٦٦ - ٣٦٧.
(٢) منهاج السنة ٥/ ٣٤٧.

<<  <   >  >>