• قال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ)﵀: "فكل علم هو تابع للعلم به، مفتقر في تحقق ذاته إليه، فالعلم به أصل كل علم ومنشؤه، فمن عرف الله عرف ما سواه، ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل، قال تعالى: ﴿ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم﴾ [الحشر: الآية: ١٩] فتأمل هذه الآية تجد تحتها معنى شريفا عظيما، وهو: أن من نسي ربه أنساه ذاته ونفسه فلم يعرف حقيقته ولا مصالحه، بل نسي ما به صلاحه وفلاحه في معاشه ومعاده، لأنه خرج عن فطرته التي خلق عليها فنسي ربه فأنساه نفسه وصفاتها وما تكمل به وتزكو به وتسعد به في معاشها ومعادها، قال تعالى: ﴿ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا﴾ [الكهف: الآية: ٢٨] فغفل عن ذكر ربه فانفرط عليه أمره وقلبه، فلا التفات له إلى مصالحه، وكماله وما تزكو به نفسه وقلبه، بل هو مشتت القلب مضيعه، مفرط الأمر حيران لا يهتدي سبيلا.
فالعلم بالله أصل كل علم، وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته، والجهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكو به وتفلح به، فالعلم به سعادة العبد والجهل به أصل شقاوته" (١).
• قال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ)﵀: "فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم، فمن أحصى أسماءه كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم، إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم؛ لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها، وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى، ولهذا لا تجد فيها خللا ولا تفاوتا؛ لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العبد أو يفعله إما أن يكون لجهل العبد به أو لعدم حكمته، أما الرب تعالى فهو العليم الحكيم، فلا يلحق، فعله ولا