وهذا مع هذا كالملزوزين في قرن فالتوحيد وما يتبعه من الحسنات هو صلاح وعدل؛ ولهذا كان الرجل الصالح هو القائم بالواجبات؛ وهو البر؛ وهو العدل. والذنوب التي فيها تفريط أو عدوان في حقوق الله تعالى وحقوق عباده هي فساد وظلم؛ ولهذا سمي قطاع الطريق مفسدين وكانت عقوبتهم حقا لله تعالى لاجتماع الوصفين والذي يريد العلو على غيره من أبناء جنسه هو ظالم له باغ؛ إذ ليس كونك عاليا عليه بأولى من كونه عاليا عليك وكلاكما من جنس واحد فالقسط والعدل أن يكونوا إخوة كما وصف الله المؤمنين بذلك. والتوحيد وإن كان أصل الصلاح فهو أعظم العدل؛ ولهذا قال تعالى: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَة سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: الآية: ٦٤]" (١).
• قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ)﵀: "فأصل الصلاح: التوحيد والإيمان وأصل الفساد: الشرك والكفر. كما قال عن المنافقين: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: الآيات: ١١ - ١٢]، وذلك أن صلاح كل شيء أن يكون بحيث يحصل له وبه المقصود الذي يراد منه؛ ولهذا يقول الفقهاء: العقد الصحيح مما ترتب عليه أثره وحصل به مقصوده. والفاسد ما لم يترتب عليه أثره ولم يحصل به مقصود والصحيح المقابل للفاسد في اصطلاحهم هو الصالح. وكان يكثر في كلام السلف: هذا لا يصلح أو يصلح كما كثر في كلام المتأخرين يصح ولا يصح والله تعالى إنما خلق الإنسان لعبادته وبدنه تبع لقلبه كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: