في قلب المؤمن ولها فرع عال وهي ثابتة في قلب ثابت كما قال ﴿يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾ [إبراهيم: الآية: ٢٧]، فالمؤمن عنده يقين وطمأنينة والإيمان في قلبه ثابت مستقر وهو في نفسه ثابت على الإيمان مستقر لا يتحول عنه والكلمة الخبيثة ﴿كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض﴾ [إبراهيم: الآية: ٢٦]، استؤصلت واجتثت كما يقطع الشيء يجتث من فوق الأرض ﴿مَا لَهَا مِنْ قَرَار﴾ لا مكان تستقر فيه ولا استقرار في المكان؛ فإن القرار يراد به مكان الاستقرار كما قال تعالى: ﴿وبئس القرار﴾ [إبراهيم: الآية: ٢٦]، وقال: ﴿جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارا﴾ [غافر: الآية: ٦٤].
ويقال: فلان ما له قرار أي ثبات وقد فسر القرار في الآية بهذا وهذا فالمبطل ليس قوله ثابتا في قلبه ولا هو ثابت فيه ولا يستقر كما قال تعالى في المثل الآخر: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: الآية: ١٧]، فإنه وإن اعتقده مدة فإنه عند الحقيقة يخونه كالذي يشرك بالله فعند الحقيقة يضل عنه ما كان يدعو من دون الله. وكذلك الأفعال الباطلة التي يعتقدها الإنسان عند الحقيقة تخونه ولا تنفعه بل هي كالشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار فمن كان معه كلمة طيبة أصلها ثابت كان له فرع في السماء يوصله إلى الله فإنه سبحانه ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: الآية: ١٠]، ومن لم يكن معه أصل ثابت فإنه يحرم الوصول؛ لأنه ضيع الأصول؛ ولهذا تجد أهل البدع والشبهات لا يصلون إلى غاية محمودة كما قال تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَال﴾ [الرعد: الآية: ١٤] " (١).