بعد الإيمان لا يمنع أن يكون داخلا في الإيمان كما في قوله: ﴿وملائكته ورسله وجبريل وميكال﴾ [البقرة: الآية: ٩٨]، و ﴿من النبيين ميثاقهم ومنك﴾ [الأحزاب: الآية: ٧]، هذا إذا قيل: إن اسم الإيمان يتناوله. سواء قيل: إنه في مثل هذا يكون داخلا في الأول فيكون مذكورا مرتين أو قيل: بل عطفه عليه يقتضي أنه ليس داخلا فيه هنا وإن كان داخلا فيه منفردا كما قيل مثل ذلك في لفظ الفقراء والمساكين وأمثال ذلك مما تتنوع دلالته بالإفراد والاقتران. لكن المقصود: أن كل خير فهو داخل في القسط والعدل وكل شر فهو داخل في الظلم. ولهذا كان العدل أمرا واجبا في كل شيء وعلى كل أحد والظلم محرما في كل شيء ولكل أحد فلا يحل ظلم أحد أصلا سواء كان مسلما أو كافرا أو كان ظالما بل الظلم إنما يباح أو يجب فيه العدل عليه أيضا قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن﴾ [المائدة: الآية: ٢]، أي: لا يحملنكم شنآن أي: بغض قوم - وهم الكفار - على عدم العدل؛ ﴿قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾ [المائدة: الآية: ٨]، وقال تعالى: ﴿فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم﴾ [البقرة: الآية: ١٩٤]، وقال تعالى: ﴿وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به﴾ [النحل: الآية: ١٢٦]، وقال تعالى: ﴿وجزاء سيئة سيئة مثلها﴾ [الشورى: الآية: ٤٠]. وقد دل على هذا قوله في الحديث:" ﴿يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا﴾ " فإن هذا خطاب لجميع العباد أن لا يظلم أحد أحدا وأمر العالم في الشريعة مبني على هذا وهو العدل في الدماء والأموال؛ والأبضاع والأنساب؛ والأعراض" (١).
• قال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ)﵀: "فلا أعدل من توحيد الرسل،