ولا أظلم من الشرك. فهو سبحانه قائم بالعدل في هذه الشهادة قولا وفعلا، حيث شهد بها وأخبر، وأعلم عباده وبين لهم تحقيقها وصحتها، وألزمهم بمقتضاها، وحكم به، وجعل الثواب والعقاب عليها، وجعل الأمر والنهي من حقوقها وواجباتها.
فالدين كله من حقوقها. والثواب كله عليها. والعقاب كله على تركها. وهذا هو العدل الذي قام به الرب تعالى في هذه الشهادة.
فأوامره كلها تكميل لها. وأمر بأداء حقوقها. ونواهيه كلها صيانة لها عما يهدمها ويضادها.
وثوابه كلها عليها. وعقابه على تركها، وترك حقوقها.
وخلقه السموات والأرض وما بينهما كان بها ولأجلها.
وهي الحق الذي خلقت به المخلوقات. وضدها: هو الباطل والعبث الذي نزه الله نفسه عنه، وأخبر أنه لم يخلق به السموات والأرض.
قال تعالى ردا على المشركين المنكرين لهذه الشهادة ﴿وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا. ذلك ظن الذين كفروا. فويل للذين كفروا من النار﴾ [ص: الآية: ٢٧]، وقال تعالى: ﴿حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم. ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى. والذين كفروا عما أنذروا معرضون﴾ [الأحقاف: الآيات: ١ - ٣]، وقال تعالى: ﴿هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا. وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب. ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون﴾ [يونس: الآية: ٥]، وقال تعالى: ﴿أولم يتفكروا في أنفسهم؟ ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى، وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون﴾ [الروم: الآية: ٨]، وقال تعالى: ﴿وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين. ما خلقناهما إلا بالحق﴾ [الدخان: الآيات: ٣٨ - ٣٩]، وهذا كثير في القرآن.