فأضمر. وذلك: أن الإنسان إذا اعتبر وتعرف نفسه والناس وسمع أخبارهم: رأى الواحد منهم يريد لنفسه أن تطاع وتعلو بحسب قدرته. فالنفس مشحونة بحب العلو والرياسة بحسب إمكانها فتجد أحدهم يوالي من يوافقه على هواه ويعادي من يخالفه في هواه. وإنما معبوده: ما يهواه ويريده. قال تعالى ﴿أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا﴾ [الفرقان: الآية: ٤٣]" (١).
• قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ)﵀: "فمن كان من المطاعين-من العلماء والمشايخ والأمراء والملوك-متبعا للرسل: أمر بما أمروا به. ودعا إلى ما دعوا إليه. وأحب من دعا إلى مثل ما دعا إليه. فإن الله يحب ذلك. فيحب ما يحبه الله تعالى. وهذا قصده في نفس الأمر: أن تكون العبادة لله تعالى وحده وأن يكون الدين كله لله.
وأما من كان يكره أن يكون له نظير يدعو إلى ذلك: فهذا يطلب أن يكون هو المطاع المعبود. فله نصيب من حال فرعون وأشباهه. فمن طلب أن يطاع دون الله: فهذا حال فرعون. ومن طلب أن يطاع مع الله: فهذا يريد من الناس أن يتخذوا من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله. والله ﷾ أمر: أن لا يعبد إلا إياه وأن لا يكون الدين إلا له وأن تكون الموالاة فيه والمعاداة فيه. وأن لا يتوكل إلا عليه ولا يستعان إلا به.
فالمؤمن المتبع للرسل: يأمر الناس بما أمرتهم به الرسل ليكون الدين كله لله لا له. وإذا أمر أحد غيره بمثل ذلك: أحبه وأعانه وسر بوجود مطلوبه. وإذا أحسن إلى الناس فإنما يحسن إليهم: ابتغاء وجه ربه الأعلى. ويعلم أن الله قد من عليه بأن جعله محسنا ولم يجعله مسيئا