القول الأول: أن مجرد وجود الوسوسة دليل على صريح الإيمان
واستدلوا: بحديث ابن مسعود (ت: ٣٢ هـ)﵁ في الباب حيث سئل النبي-ﷺ-عن مجرد الوسوسة دون المنازعة، فقال «تلك محض الإيمان»، وقالوا أيضاً لأن القلوب غير المؤمنة لا توسوس أصلاً لتمكن الشيطان منها، بخلاف القلوب المؤمنة، واختار هذا القول القاضي عياض (ت: ٥٤٤ هـ)﵀ وهو اختيار محمد بن صالح بن عثيمين (ت: ١٤٢١ هـ)﵀" (١).
والقول الثاني: أن مدافعة المسلم لها ونفرته من هذه الوساوس هي دليل على صريح الإيمان.
واستدلوا: بحديث أبي هريرة (ت: ٥٨ هـ)﵁-في الباب حيث إن الصحابة شكوا للنبي ﷺ ما يجدونه في أنفسهم ونفرتهم منه وتعاظمهم لما يجدونه، والنبي ﷺ -سألهم عنه فقال «وقد وجدتموه؟»، ثم قال لهم «ذاك صريح الإيمان»، وقالوا المنازعة وكراهة ذلك هي دليل الإيمان وأثره، الذي يردّ وساوس الشيطان، وأما حديث ابن مسعود (ت: ٣٢ هـ)﵁-فهو محمول على حديث أبي هريرة (ت: ٥٨ هـ) -رضي الله تعالى عنه-، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ)﵀، وهو الأظهر والله أعلم.
• قال القرطبي (ت: ٦٧١ هـ)﵀: " «تلك محض الإيمان»، وفي حديث أبي هريرة (ت: ٥٨ هـ) -رضي الله تعالى عنه- «ذلك صريح الإيمان»، والصريح الخالص. وهذا ليس على ظاهره، إذ لا يصح أن تكون الوسوسة نفسها هي الإيمان، لأن الإيمان اليقين، وإنما الإشارة