للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاعتراف بالخطيئة بمجرده مع التوحيد موجب لغفرانها وكشف الكربة الصادرة عنها؛ أم يحتاج إلى شيء آخر؟ فجوابه: أن الموجب للغفران مع التوحيد هو التوبة المأمور بها؛ فإن الشرك لا يغفره الله إلا بتوبة؛ كما قال تعالى: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ [النساء: الآية: ٤٨]، [النساء: الآية: ١١٦]، في موضعين من القرآن وما دون الشرك فهو مع التوبة مغفور؛ وبدون التوبة معلق بالمشيئة. كما قال تعالى: ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا﴾ [الزمر: الآية: ٥٣]، فهذا في حق التائبين ولهذا عمم وأطلق وحتم أنه يغفر الذنوب جميعا وقال في تلك الآية: ﴿ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ [النساء: الآية: ٤٨]، فخص ما دون الشرك وعلقه بالمشيئة، فإذا كان الشرك لا يغفر إلا بتوبة؛ وأما ما دونه فيغفره الله للتائب؛ وقد يغفره بدون التوبة لمن يشاء، فالاعتراف بالخطيئة مع التوحيد إن كان متضمنا للتوبة أوجب المغفرة؛ وإذا غفر الذنب زالت عقوبته؛ فإن المغفرة هي وقاية شر الذنب" (١).

• قال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ) : "ويعفى لأهل التوحيد المحض الذى لم يشوبوه بالشرك ما لا يعفى لمن ليس كذلك فلو لقى الموحد الذى لم يشرك بالله شيئًا البتة ربه بقراب الأرض خطايا أتاه بقرابها مغفرة، ولا يحصل هذا لمن نقص توحيده وشابه بالشرك. فإن التوحيد الخالص الذى لا يشوبه شرك لا يبقى معه ذنب. فإنه يتضمن من محبة الله تعالى وإجلاله، وتعظيمه، وخوفه، ورجائه وحده ما يوجب غسل الذنوب" (٢).


(١) مجموع الفتاوى ١٥/ ٣١٦ - ٣١٧.
(٢) إغاثة اللهفان: ١/ ٦٤.

<<  <   >  >>