"فمن قال: لا إله إلا الله ولم يقم بموجبها، بل اكتسب مع ذلك ذنوبا وسيئات، وكان صادقا في قولها موقنا بها، لكن ذنوبه أضعاف أضعاف صدقه ويقينه، وانضاف إلى ذلك الشرك الأصغر العملي، رجحت هذه الأشياء على هذه الحسنة، ومات مصرا على الذنوب، بخلاف من يقولها بيقين وصدق تام، فإنه لا يموت مصرا على الذنوب، إما أن لا يكون مصرا على سيئة أصلا أو يكون توحيده المتضمن لصدقه ويقينه رجح حسناته.
والذين يدخلون النار ممن يقولها قد فاتهم أحد هذين الشرطين: إما أنهم لم يقولوها بالصدق واليقين التامين المنافيين للسيئات، أو لرجحان السيئات، أو قالوها واكتسبوا بعد ذلك سيئات رجحت على حسناتهم، ثم ضعف لذلك صدقهم ويقينهم، ثم لم يقولوها بعد ذلك بصدق ويقين تام، لأن الذنوب قد أضعفت ذلك الصدق واليقين من قلوبهم، فقولها من مثل هؤلاء لا يقوى على محو السيئات بل ترجح سيئاتهم على حسناتهم. انتهى ملخصا.
وقد ذكر معناه غيره كابن القيم (ت: ٧٥١ هـ)﵀، وابن رجب (ت: ٧٩٥ هـ)﵀، والمنذري (ت: ٦٥٦ هـ)﵀، والقاضي عياض (ت: ٥٤٤ هـ)﵀، وغيرهم.
وحاصله: أن لا إله إلا الله سبب لدخول الجنة، والنجاة من النار، ومقتض لذلك، ولكن المقتضي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه، وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه، أو لوجود مانع.
ولهذا قيل للحسن (ت: ١١٠ هـ)﵀-إن ناسا يقولون: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، فقال: من قال: لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها