قال: لا إله إلا الله، ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال، وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص ولا اليقين، ومن لا يعرف ذلك يخشى عليه أن يفتن عنها عند الموت فيحال بينه وبينها، وأكثر من يقولها إنما يقولها تقليدا أو عادة، ولم يخالط الإيمان بشاشة قلبه، وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء كما في الحديث: - سمعت الناس يقولون شيئا فقلته. وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد واقتداء بأمثالهم وهم أقرب الناس من قوله تعالى: ﴿إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون﴾ [الزخرف: الآية: ٢٣]. وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث، فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين تام، لم يكن في هذه الحال مصرا على ذنب أصلا، فإنه كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، فإذا لا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله ولا كراهية لما أمر الله، وهذا هو الذي يحرم من النار، وإن كانت له ذنوب قبل ذلك، فإن هذا الإيمان، وهذه التوبة، وهذا الإخلاص، وهذه المحبة وهذا اليقين، لا يتركون له ذنبا إلا يمحى كما يمحى الليل بالنهار، فإذا قالها على وجه الكمال المانع من الشرك الأكبر والأصغر، فهذا غير مصر على ذنب أصلا، فيغفر له ويحرم على النار، وإن قالها على وجه خلص به على الشرك الأكبر دون الأصغر، ولم يأت بعدها بما يناقض ذلك، فهذه الحسنة لا يقاومها شيء من السيئات، فيرجح بها ميزان الحسنات، كما في حديث البطاقة، فيحرم على النار ولكن تنقص درجته في الجنة بقدر ذنوبه، وهذا بخلاف من رجحت سيئاته على حسناته ومات مصرا على ذلك، فإنه يستوجب النار، وإن قال: لا إله إلا الله، وخلص بها من الشرك الأكبر، لكنه لم يمت على ذلك، بل أتى بعد ذلك بسيئات رجحت على حسنة توحيده، فإنه في حال قولها كان مخلصا، لكنه أتى