للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنَّمَا قيل ذَلِك، لتعذر معرفَة خطابه فِي كل حَال، وَفِي كل وَاقعَة، بعد انْقِطَاع الْوَحْي، حذارا من تَعْطِيل أَكثر الوقائع عَن الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة.

سمي بذلك؛ لِأَنَّهُ شَيْء وَضعه فِي شرائعه، أَي: جعله دَلِيلا، وسببا، وشرطا، لَا أَنه أَمر بِهِ عباده، وَلَا أناطه بأفعالهم، من حَيْثُ هُوَ خطاب وضع، وَلذَلِك لَا يشْتَرط فِيهِ الْعلم وَالْقُدْرَة، فِي أَكثر خطاب الْوَضع كالتوريث وَنَحْوه، على مَا يَأْتِي قَرِيبا.

قَالَ الطوفي فِي " شَرحه ": (وَيُسمى هَذَا النَّوْع: خطاب الْوَضع والإخبار.

أما معنى الْوَضع فَهُوَ: أَن الشَّرْع وضع - أَي: شرع - أمورا سميت أسبابا وشروطا وموانع تعرف عِنْد وجودهَا أَحْكَام الشَّرْع من إِثْبَات أَو نفي، فالأحكام تُوجد بِوُجُود الْأَسْبَاب والشروط، وتنتفي لوُجُود الْمَانِع وَانْتِفَاء الْأَسْبَاب والشروط.

وَأما معنى الْإِخْبَار فَهُوَ: أَن الشَّرْع بِوَضْع هَذِه الْأُمُور أخبرنَا بِوُجُود أَحْكَامه [أَو انتفائها] ، عِنْد وجود تِلْكَ الْأُمُور أَو انتفائها، كَأَنَّهُ قَالَ مثلا: إِذا وجد النّصاب الَّذِي هُوَ سَبَب وجوب الزَّكَاة، والحول الَّذِي هُوَ شَرطه، فاعلموا أَنِّي قد أوجب عَلَيْكُم أَدَاء الزَّكَاة، وَإِن وجد الدّين الَّذِي هُوَ مَانع من وُجُوبهَا، أَو انْتَفَى السّوم الَّذِي هُوَ شَرط لوُجُوبهَا فِي السَّائِمَة، فاعلموا أَنِّي لم أوجب عَلَيْكُم الزَّكَاة.

وَكَذَا الْكَلَام فِي الْقصاص، وَالسَّرِقَة، وَالزِّنَا، وَغَيرهَا، بِالنّظرِ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>