وَقَالَ الكيا: إِن الْعَنْبَري كَانَ يذهب إِلَى أَن الْمُصِيب فِي العقليات وَاحِد، وَلَكِن مَا تعلق بِتَصْدِيق الرُّسُل، وَإِثْبَات حدث الْعَالم، وَإِثْبَات الصَّانِع، فالمخطيء فِيهِ غير مَعْذُور، وَأما مَا يتَعَلَّق بِالْقدرِ والجبر، وَإِثْبَات الْجِهَة ونفيها، فالمخطيء فِيهِ مَعْذُور وَإِن كَانَ مُبْطلًا فِي اعْتِقَاده بعد الْمُوَافقَة فِي تَصْدِيق الرُّسُل والتزام الْملَّة ".
قَالَ ابْن مُفْلِح بعد قَول الجاحظ الْمُتَقَدّم: " وَهَذَا وَقَوله السَّابِق، وَالْقَوْل قبله خلاف الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع قبله، وَلَيْسَ تكليفهم نقيض اجتهادهم محَال، بل مُمكن، غَايَته منَاف لما تعوده ".
قَالَ الجاحظ: الْإِثْم بعد الِاجْتِهَاد قَبِيح لَا سِيمَا مَعَ كَثْرَة الآراء، واعتوار الشّبَه، وَعدم القواطع الجوازم.
وَيلْزمهُ: رفع الْإِثْم عَن منكري الصَّانِع، والبعث، والنبوات، وَالْيَهُود، وَالنَّصَارَى، وَعَبدَة الْأَوْثَان، إِذا اجتهادهم أداهم إِلَى ذَلِك، وَله منع أَنهم استفرغوا الوسع فِي طلب الْحق، فإثمهم على ترك الْجد لَا على الْخَطَأ.
وَقَوله على كل حَال مُخَالف الْإِجْمَاع، إِلَّا أَن يمْنَع كَونه حجَّة كالنظام، أَو قَطْعِيَّة فَلَا يلْزمه.
قَالَ الْمُوفق: " وَمَا ذهب إِلَيْهِ الجاحظ بَاطِل يَقِينا، وَكفر بِاللَّه، ورد عَلَيْهِ وعَلى رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَإنَّا نعلم قطعا: أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر الْيَهُود وَالنَّصَارَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute