وَاسْتدلَّ لأبي حنيفَة أَن الْقِرَاءَة على الشَّيْخ أبعد من الْخَطَأ والسهو، وَإِنَّمَا كَانَ أَكثر التَّحَمُّل عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بتحديثه؛ لِأَنَّهُ لَا يعلم إِلَّا مِنْهُ وَهُوَ لَا يحدث إِلَّا من حفظه، وَغَيره لَيْسَ كَذَلِك.
وَأجَاب الْأَكْثَرُونَ: أَن تَجْوِيز الْخَطَأ وَالنِّسْيَان فِي صُورَة الْقِرَاءَة على الشَّيْخ وَهُوَ يسمع أقرب.
قَوْله: {ثمَّ قصد} - أَي الشَّيْخ - {إسماعه وَحده، أَو} قصد إسماعه {مَعَ غَيره} سَاغَ لَهُ أَن يَقُول: حَدثنَا، أَو أخبرنَا، وَقَالَ، وَسمعت، وَكَذَا يَقُول: أَنبأَنَا، ونبأنا، وَلكنه قَلِيل عِنْدهم؛ لِأَنَّهُ أشهر اسْتِعْمَالهَا فِي الْإِجَازَة فَيجوز فِي التحديث إِذا قَرَأَ الشَّيْخ أَن يَقُول: حَدثنَا، وَأخْبرنَا، وأنبأنا، وَسمعت فلَانا يَقُول، وَقَالَ: لنا فلَان، وَذكر لنا فلَان.
وَقد نقل القَاضِي عِيَاض الْإِجْمَاع فِي هَذَا كُله؛ فَلِذَا تعقب بَعضهم على ابْن الصّلاح فِي قَوْله بعد أَن حكى ذَلِك: أَن فِيهِ نظرا، أَو أَنه يَنْبَغِي فِيمَا شاع اسْتِعْمَاله من هَذِه الْأَلْفَاظ أَن يكون مَخْصُوصًا بِمَا سمع من غير لفظ الشَّيْخ.
وَجه التعقيب عَلَيْهِ معارضته للْإِجْمَاع، وَأَنه لَا يجب على السَّامع أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute