وَلذَلِك لم يَأْخُذ بِالثَّلَاثَةِ بانعقاد الْجُمُعَة لقِيَام الدَّلِيل على الْأَكْثَر. قَالَ: الْإِسْنَوِيّ: وَقد اعْتمد الشَّافِعِي على هَذَا الدَّلِيل فِي إِثْبَات الْأَحْكَام إِذا كَانَ الْأَقَل جُزْءا من الْأَكْثَر، وَلم يجد دَلِيلا غَيره. انْتهى.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: هَذِه قَاعِدَة تنْسب إِلَى الشَّافِعِي وَهُوَ الْأَخْذ بِأَقَلّ مَا قيل وَصورتهَا - كَمَا قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ - أَن يخْتَلف الْعلمَاء فِي مُقَدّر بِالِاجْتِهَادِ فَيُؤْخَذ بِأَقَلِّهَا إِذا لم يدل على الزَّائِد دَلِيل، وَرُبمَا قصر على اخْتِلَاف الصَّحَابَة - كَمَا فسره بِهِ ابْن الْقطَّان.
وَهُوَ الشَّاشِي: هُوَ أَن يرد فعل من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُبينًا لمجمل، وَيحْتَاج إِلَى تحديده، فيصار إِلَى أقل مَا يُوجد، وَهَذِه كَمَا قَالَ الشَّافِعِي فِي أقل الْجِزْيَة: إِنَّه دِينَار؛ لِأَن الدَّلِيل قَامَ على أَنه لابد من تَوْقِيت، فَصَارَ إِلَى أقل مَا حُكيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه أَخذ فِي الْجِزْيَة، قَالَ: وَهَذَا أصل فِي التَّوْقِيت، قد صَار إِلَيْهِ الشَّافِعِي فِي مسَائِل كَثِيرَة: كتحديده مَسَافَة الْقصر بمرحلتين، وَمَا لَا ينجس بملاقاة النَّجس حَتَّى يتَغَيَّر بقلتين وَأَن دِيَة الْيَهُودِيّ ثلث دِيَة الْمُسلم، وَمثله مَا ذهب إِلَيْهِ فِي الدِّيَة أَنَّهَا أَخْمَاس، وَقيل: أَربَاع - فالأخماس أقل فالأقل دَائِما مجمع عَلَيْهِ؛ لِاجْتِمَاع الْكل فِيهِ. انْتهى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute