فقد جعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَهَادَة قلبه بِلَا حجَّة أولى من الْفَتْوَى، فَثَبت أَن الإلهام حق، فَإِنَّهُ وَحي بَاطِن، إِلَّا أَن العَبْد إِذا عصى ربه وَعمل بهواه حرم هَذِه الْكَرَامَة.
وَلَا حجَّة فِي شَيْء من ذَلِك، لِأَنَّهُ لَيْسَ المُرَاد الْإِيقَاع فِي الْقلب بِلَا دَلِيل، بل الْهِدَايَة إِلَى الْحق بِالدَّلِيلِ، كَمَا قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ -: " إِلَّا أَن يُؤْتِي الله عبدا فهما فِي كِتَابه ".
وَكَانَ شيخ الْإِسْلَام البُلْقِينِيّ يَقُول:(الفتوحات الَّتِي يفتح بهَا على الْعلمَاء فِي الاهتداء إِلَى استنباط الْمسَائِل المشكلة من الْأَدِلَّة، أعظم نفعا وَأكْثر فَائِدَة مِمَّا يفتح بِهِ على الْأَوْلِيَاء من الِاطِّلَاع على بعض الغيوب، فَإِن ذَلِك لَا يحصل بِهِ من النَّفْع مثل مَا يحصل بِهَذَا، - وَأَيْضًا هَذَا موثوق بِهِ لرجوعه إِلَى أصل شَرْعِي، وَذَلِكَ قد يضطرب) .