للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ الْغَزالِيّ: لَيْسَ معرفَة الْكَلَام بالأدلة المحررة فِيهِ، على عَادَة الْمُتَكَلِّمين شرطا فِي الِاجْتِهَاد، بل هُوَ من ضَرُورَة منصب الِاجْتِهَاد، إِذْ لَا يبلغ رُتْبَة الِاجْتِهَاد فِي الْعلم، إِلَّا وَقد قرع سَمعه أَدِلَّة الْكَلَام فيعرفها حَتَّى لَو تصور مقلد مَحْض فِي تَقْلِيد الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وأصول الْإِيمَان، لجَاز لَهُ الِاجْتِهَاد فِي الْفُرُوع.

قَالَ: وَالْقدر الْوَاجِب من ذَلِك: اعْتِقَاد جازم إِذْ بِهِ يصير مُسلما، وَالْإِسْلَام شَرط الْمُفْتِي لَا محَالة.

قَالَ الطوفي: " قلت: الْمُشْتَرط فِي الِاجْتِهَاد بِالْجُمْلَةِ معرفَة كل مَا يتَوَقَّف حُصُول ظن الحكم الشَّرْعِيّ عَلَيْهِ، سَوَاء انحصر ذَلِك فِي جَمِيع مَا ذكرُوا، أَو خرج عَنهُ شَيْء لم يذكر فمعرفته مُعْتَبرَة " انْتهى.

قَوْله: {لَا تفاريع الْفِقْه وَعلم الْكَلَام، وَلَا معرفَة أَكثر الْفِقْه فِي الْأَشْهر} .

هَذِه أُمُور أُخْرَى رُبمَا يتَوَهَّم أَنَّهَا شُرُوط فِي الْمُجْتَهد، وَلكنهَا لَيست بِشُرُوط لَهُ.

مِنْهَا: معرفَة تفاريع الْفِقْه لَا يشْتَرط؛ لِأَن الْمُجْتَهد هُوَ الَّذِي يولدها ويتصرف فِيهَا، لَو كَانَ ذَلِك شرطا فِيهَا للَزِمَ الدّور، لِأَنَّهَا نتيجة الِاجْتِهَاد، فَلَا يكون الِاجْتِهَاد نتيجتها.

وَالْخلاف فِي ذَلِك مَنْقُول عَن الْأُسْتَاذ أبي إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ شَرط فِي الْمُجْتَهد معرفَة الْفِقْه.

<<  <  ج: ص:  >  >>