للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للمجتهد أَن يُخَالف مَا أجمع عَلَيْهِ، لِأَن الْمجمع عَلَيْهِ لَا يُمكن أَن يكون خلاف حكم الله تَعَالَى، فإفادة الْيَقِين بِمثل هَذِه الْقَرِينَة مُسلم، وَلَكِن الْمَتْن الْقطعِي إِذا خلا عَن هَذِه الْقَرِينَة لَا يُفِيد قطعا، وَيظْهر ذَلِك فِي {أقِيمُوا الصَّلَاة} [الْأَنْعَام: ٧٢] ، وَفِي {ثَلَاثَة قُرُوء} [الْبَقَرَة: ٢٢٨] ، فَإِن الْمَتْن فِي الْكل سَوَاء، مَعَ أَن المُرَاد من الأول قَطْعِيّ دون الثَّانِي، وَذَلِكَ وَاضح.

وَالْحق: أَن النَّفْي والإيجاب لم يردا على شَيْء وَاحِد، فَإِن الَّذِي يَقُول: لَا دلَالَة قَطْعِيَّة فِي النقليات، يُرِيد بذلك نظرا إِلَى الدَّلِيل مَعَ قطع النّظر عَن الْقَرَائِن، وَالَّذِي يَقُول بِهِ، يضم إِلَيْهِ الْقَرِينَة، وَمن قَالَ: " إِن اللَّفْظ بعد الْقَرِينَة لَا يُفِيد فَهُوَ مكابر) انْتهى. وَهُوَ حسن.

قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: (يُقَال: مَا المعني بِالدَّلِيلِ اللَّفْظِيّ؟ الظَّوَاهِر مَعَ النُّصُوص، أَو الظَّوَاهِر بمفردها؟ وَيُقَال أَيْضا -: الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين مُرَاده فِيمَا جَاءَ بِهِ، وَلنَا أَلْفَاظ نقطع بمدلولها بمفردها، وَتارَة بانضمام قَرَائِن، أَو شَهَادَة الْعَادَات، ثمَّ يمْنَع مُعَارضَة الدَّلِيل الْعقلِيّ الْقطعِي للدليل الشَّرْعِيّ.

وَقَوْلهمْ: الْمَوْقُوف على المظنون مظنون، بَاطِل، لِأَن الْمَوْقُوف على الْمُقدمَات الظنية قد يكون قَطْعِيا، بل الْمَوْقُوف على الشَّك قد يكون قَطْعِيا، فضلا عَن الظَّن، وَيعرف بِوُجُوه:

أَحدهَا: الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة قَطْعِيَّة.

الثَّانِي: أَن الشَّك فِي الرَّكْعَات يُوجب الْإِتْيَان بِرَكْعَة أُخْرَى، فَيقطع بِالْوُجُوب عِنْد الشَّك، وَكَذَا لَو شككنا فِي عين الْحَلَال كاشتباه ميتَة بمذكاة، وأجنبية بأخته.

<<  <  ج: ص:  >  >>