للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَزعم الْقَرَافِيّ أَن مَحل الْخلاف السَّابِق فِي الْفَتَاوَى، وَأَن الْقَضَاء يجوز الِاجْتِهَاد فِيهِ بِلَا نزاع.

مِثَاله فِي الْقَضَاء مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث [أم] سَلمَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَاهُ رجلَانِ يختصمان فِي مَوَارِيث وَأَشْيَاء قد درست فَقَالَ: " إِنِّي إِنَّمَا أَقْْضِي بَيْنكُم برأيي فِيمَا لم ينزل عَليّ فِيهِ ".

وَله أَيْضا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ منصب النُّبُوَّة الَّذِي أوتيه حَتَّى نزلت {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} [العلق: ١] ، ومنصب الرسَالَة الَّذِي أوتيه بقوله تَعَالَى: {يَا أَيهَا المدثر (١) قُم فَأَنْذر} [المدثر ١، ٢] ، وَمَعَ التَّصَرُّفَات السَّابِقَة منصب الْإِمَامَة الْعُظْمَى الَّتِي هِيَ الرِّئَاسَة التَّامَّة، وَالرِّعَايَة الْعَامَّة الشاملة الْخَاصَّة والعامة، بتدبير مصَالح الْخَلَائق وضبطها بدرء الْمَفَاسِد وجلب الْمصَالح، إِلَى غير ذَلِك، وَهَذَا أَعم من منصب الْحَاكِم؛ لِأَن الْحَاكِم من حَيْثُ هُوَ حَاكم لَيْسَ لَهُ إِلَّا فصل الْخُصُومَات، وإنشاء الْإِلْزَام بِمَا يحكم بِهِ، وأعم من منصب الْفَتْوَى فَإِنَّهَا مُجَرّد الْإِخْبَار عَن حكم الله تَعَالَى، وَأما الرسَالَة والنبوة من حَيْثُ هما، فَلَا يستلزمان ذَلِك؛ لِأَن النُّبُوَّة وَحي بِخَاصَّة الموحى إِلَيْهِ، والرسالة تَبْلِيغ من الله تَعَالَى، فَهِيَ مناصب جمعهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، آثارها مُخْتَلفَة، فإقامة الْحُدُود، وترتيب الجيوش وَغير ذَلِك، من منصب الإِمَام، وَلَيْسَ لأحد

<<  <  ج: ص:  >  >>