وَقَالَ ابْن شهَاب وَأَبُو الْخطاب: (إِذا قيل: مَا شَيْء فعله محرم، وَتَركه محرم؟ فَصَلَاة السَّكْرَان) .
فَكل هَذَا يدل على تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق.
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: (قَالَ الْأَشْعَرِيّ وَكثير من النظار: لَا يكون العَبْد قَادِرًا إِلَّا حِين الْفِعْل، فعلى قَوْلهم، كل مُكَلّف فَهُوَ حِين التَّكْلِيف قد كلف مَا لَا يطيقه حِينَئِذٍ، وَإِن كَانَ قد يطيقه حِين الْفِعْل، [بقدرة] يخلقها الله تَعَالَى لَهُ وَقت الْفِعْل، وَلَكِن هَذَا لَا يطيقه لاشتغاله بضده وَعدم الْقُدْرَة الْمُقَارنَة للْفِعْل، لَا لكَونه عَاجِزا عَنهُ.
وَأما الْعَاجِز عَن الْفِعْل كالزّمِن وَالْأَعْمَى وَنَحْوهمَا فَهَؤُلَاءِ لم يكلفوا بِمَا يعجزون عَنهُ، [وَمثل] هَذَا التَّكْلِيف لَيْسَ وَاقعا فِي الشَّرِيعَة بِاتِّفَاق طوائف الْمُسلمين، إِلَّا شرذمة قَليلَة من الْمُتَأَخِّرين، ادعوا وُقُوع مثل هَذَا التَّكْلِيف فِي الشَّرِيعَة، ونقلوا ذَلِك عَن الْأَشْعَرِيّ وَأكْثر أَصْحَابه، وَهُوَ خطأ عَلَيْهِم) .
وَجه الْمَذْهَب الأول - وَهُوَ الْمَنْع -: قَوْله تَعَالَى: {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} [الْبَقَرَة: ٢٨٦] ، وروى مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَنه لما نزل: {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} الْآيَة [الْبَقَرَة: ٢٨٤] ، اشْتَدَّ ذَلِك على الصَّحَابَة وَقَالُوا: (لَا نطيقها) ، وَفِيه: أَن الله تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute