يضْرب "، إِخْبَار، وَقَوْلنَا: " اضْرِب وَلَا تضرب "، أَمر وَنهي، وَلَو أَن الواضعين قلبوا الْأَمر وَقَالُوا بِالْعَكْسِ، لَكَانَ جَائِزا، أما لَو قَالُوا: إِن حَقِيقَة الطّلب يُمكن أَن تقلب خَبرا، أَو حَقِيقَة الْخَبَر يُمكن أَن تقلب طلبا، لَكَانَ ذَلِك محالا) .
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: (قيل: لَو سلم، لم يلْزم أَن لَا يكون وجود أَحدهمَا مَشْرُوطًا بِالْآخرِ، و - أَيْضا - أَنْتُم ادعيتم: أَن حَقِيقَة الطّلب وَحَقِيقَة الْخَبَر شَيْء وَاحِد، بل ادّعى الرَّازِيّ: أَن حَقِيقَة الطّلب دَاخِلَة فِي حَقِيقَة الْخَبَر، فَقَالَ فِي كَون كَلَام الله وَاحِدًا أَمر وَنهي وَخبر: إِنَّه يرجع إِلَى حرف وَاحِد، وَهُوَ الْكَلَام كُله خبر؛ لِأَن الْأَمر عبارَة عَن تَعْرِيف [الْغَيْر] أَنه لَو فعله لصار مُسْتَحقّا [للمدح، وَلَو تَركه صَار] مُسْتَحقّا للذم، وَكَذَا القَوْل فِي النَّهْي، وَإِذا كَانَ مرجع الْكل إِلَى شَيْء وَاحِد، وَهُوَ الْخَبَر، صَحَّ أَن كَلَام الله وَاحِد) .
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: احْتج الْجُمْهُور بِالْكتاب وَالسّنة واللغة وَالْعرْف.
أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال سويا (١٠) فَخرج على قومه من الْمِحْرَاب فَأوحى إِلَيْهِم أَن سبحوا بكرَة وعشيا} [مَرْيَم: ١٠ - ١١] ، فَلم يسم الْإِشَارَة كلَاما.
وَقَالَ لِمَرْيَم: {فَقولِي إِنِّي نذرت للرحمن صوما فَلَنْ أكلم الْيَوْم إنسيا} [مَرْيَم: ٢٦] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute