الْخَامِس: أَن الْحُرُوف يدخلهَا التَّعَاقُب، فالباء تسبق السِّين، وَالسِّين تسبق الْمِيم، وكل مَسْبُوق مَخْلُوق.
السَّادِس: أَن هَذَا يدْخلهُ التجزؤ والتعداد، وَالْقَدِيم لَا يتَجَزَّأ وَلَا يَتَعَدَّد.
قَالَ شيخ الْإِسْلَام الْمُوفق: الْجَواب عَن الأول من وُجُوه:
الأول: أَن هَذَا شَاعِر نَصْرَانِيّ عَدو لله وَرَسُوله وَدينه، أفيجب اطراح كَلَام الله وَرَسُوله وَسَائِر الْخلق تَصْحِيحا لكَلَامه، وَحمل كَلَامهم على الْمجَاز صِيَانة لكلمته هَذِه عَن الْمجَاز.
وَأَيْضًا فتحتاجون إِلَى إِثْبَات هَذَا الشّعْر بِبَيَان إِسْنَاده، وَنقل الثِّقَات لَهُ، وَلَا يقتنع بشهرته، وَقد يشْتَهر الْفَاسِد، وَقد سَمِعت شَيخنَا أَبَا مُحَمَّد بن الخشاب - إِمَام أهل الْعَرَبيَّة فِي زَمَانه - يَقُول: (قد فتشت دواوين الأخطل العتيقة فَلم أجد هَذَا الْبَيْت فِيهَا) .
الثَّانِي: لَا نسلم أَن لَفظه هَكَذَا إِنَّمَا قَالَ:
(إِن الْبَيَان من الْفُؤَاد ... ... ... ... ... ... ... )
فحرفوه وَقَالُوا: الْكَلَام.
الثَّالِث: أَن هَذَا مجَاز أَرَادَ بِهِ: أَن الْكَلَام من عقلاء النَّاس - فِي الْغَالِب - إِنَّمَا يكون بعد التروي فِيهِ، واستحضار مَعَانِيه فِي الْقلب، كَمَا قيل: (لِسَان الْحَكِيم من وَرَاء قلبه، فَإِن كَانَ لَهُ قَالَ، وَإِن لم يكن لَهُ سكت، وَكَلَام الْجَاهِل على طرف لِسَانه) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute