للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفُؤَاد، وَالله تَعَالَى لَا يُوصف بذلك، وَجعل اللِّسَان دَلِيلا عَلَيْهِ، وَلِأَن الَّذِي عبر عَنهُ الأخطل بالْكلَام هُوَ: التروي والفكر واستحضار الْمعَانِي، وَحَدِيث النَّفس ووسوستها، وَلَا يجوز إِضَافَة شَيْء من ذَلِك إِلَى الله تَعَالَى، بِلَا خلاف بَين الْمُسلمين.

قَالَ: وَمن أعجب الْأُمُور: أَن خصومنا ردوا على الله وعَلى رَسُوله، وخالفوا جَمِيع الْخلق من الْمُسلمين وَغَيرهم، فِرَارًا من التَّشْبِيه على زعمهم، ثمَّ صَارُوا إِلَى تَشْبِيه أقبح وأفحش من كل تَشْبِيه، وَهَذَا نوع من التغفيل، وَمن أدل الْأَشْيَاء على فَسَاد قَوْلهم: تَركهم قَول الله تَعَالَى وَقَول رَسُوله، وَمَا لَا يُحْصى من الْأَدِلَّة، وتمسكوا بِكَلِمَة قَالَهَا هَذَا الشَّاعِر النَّصْرَانِي، جعلوها أساس مَذْهَبهم، وَقَاعِدَة عقدهم، وَلَو أَنَّهَا انْفَرَدت عَن مُبْطل وخلت عَن معَارض لما جَازَ أَن يبْنى عَلَيْهَا هَذَا الأَصْل الْعَظِيم، فَكيف وَقد عارضها مَا لَا يُمكن رده، فمثلهم كَمثل رجل بنى قصرا على أَعْوَاد الكبريت فِي مجْرى [النّيل] .

وَأما قَوْلهم: عَن كَلَام الله يجب أَن لَا يكون حروفا يشبه كَلَام الْآدَمِيّين، قُلْنَا: جَوَابه من وُجُوه:

أَحدهَا: أَن الِاتِّفَاق فِي أصل الْحَقِيقَة لَيْسَ بتشبيه كَمَا أَن اتِّفَاق الْبَصَر فِي أَنه أدْرك المبصرات، والسمع فِي أَنه أدْرك المسموعات، وَالْعلم فِي أَنه أدْرك المعلومات لَيْسَ بتشبيه، كَذَلِك هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>