للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[النِّسَاء: ١٦٤] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَلمه ربه} [الْأَعْرَاف: ١٤٣] ، وَقَالَ تَعَالَى: {يَا مُوسَى إِنِّي اصطفيتك على النَّاس برسالاتي وبكلامي} [الْأَعْرَاف: ١٤٤] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وناديناه من جَانب الطّور الْأَيْمن} [مَرْيَم: ٥٢] ، وَقَالَ تَعَالَى: {إِذْ ناداه ربه بالواد الْمُقَدّس طوى} [النازعات: ١٦] .

وأجمعنا على أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سمع كَلَام الله تَعَالَى من الله، لَا من الشَّجَرَة، وَلَا من حجر، وَلَا غَيره، لِأَنَّهُ لَو سمع من غير الله كَانَ بنوا إِسْرَائِيل أفضل فِي ذَلِك مِنْهُ، لأَنهم سمعُوا من أفضل مِمَّن سمع مِنْهُ مُوسَى، لكَوْنهم سمعُوا من مُوسَى، فَلم سمي إِذا كليم الرَّحْمَن، وَإِذا ثَبت هَذَا؛ لم يجز أَن يكون الْكَلَام الَّذِي سَمعه مُوسَى إِلَّا صَوتا وحرفا، فَإِنَّهُ لَو كَانَ معنى فِي النَّفس وفكرة وروية لم يكن ذَلِك تكليما لمُوسَى، وَلَا هُوَ شَيْء يسمع، وَلَا يتَعَدَّى الْفِكر والرؤى، وَلَا يُسمى مناداة.

فَإِن قَالُوا: نَحن لَا نُسَمِّيه صَوتا مَعَ كَونه مسموعا.

قُلْنَا: الْجَواب من وُجُوه.

أَحدهَا: أَن هَذَا مُخَالفَة فِي اللَّفْظ مَعَ الْمُوَافقَة فِي الْمَعْنى، فإننا لَا نعني بالصوت إِلَّا مَا كَانَ مسموعا.

الثَّانِي: أَن لفظ الصَّوْت قد جَاءَت بِهِ الْأَخْبَار والْآثَار، وسأذكرها - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - على حِدة.

وَقَالَ الشَّيْخ الْمُوفق بعد ذَلِك: (النزاع فِي أَن الله تَعَالَى تكلم بِحرف وَصَوت أم لَا؟ وَمذهب أهل السّنة اتِّبَاع مَا ورد فِي الْكتاب وَالسّنة، وَقد بَينا - بالأدلة القاطعة - أَن هَذَا الْقُرْآن الَّذِي عندنَا هُوَ كَلَام الله تَعَالَى، فَإِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>