للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَجَمَاعَة: " مَا مِنْهُ الشَّيْء "؛ لاشتراك " من " بَين الِابْتِدَاء والتبعيض، وَأحسن من قَول الإِمَام: " الْمُحْتَاج إِلَيْهِ "؛ لِأَنَّهُ إِن أُرِيد بالاحتياج: مَا يعرف فِي علم الْكَلَام من احْتِيَاج الْأَثر إِلَى الْمُؤثر وَالْمَوْجُود إِلَى الموجد، لزم إِطْلَاق الأَصْل على الله تَعَالَى، وَإِن أُرِيد: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الشَّيْء، لزم إِطْلَاقه على الْجُزْء وَالشّرط وَانْتِفَاء الْمَانِع، وَإِن أُرِيد: مَا يفهمهُ أهل الْعرف من الِاحْتِيَاج، لزم إِطْلَاقه على الْأكل واللبس وَنَحْوهمَا، وكل هَذِه اللوازم مستنكرة) انْتهى.

قَالَ الطوفي فِي " شَرحه ": (و " من " فِي قَوْله: مَا مِنْهُ الشَّيْء للتَّبْعِيض، أَي: مَا بعضه الشَّيْء، وَالْفرع بعض أَصله، كَالْوَلَدِ من الْوَالِد، والغصن من الشَّجَرَة، لِأَن الْفِقْه مقتطع من أدلته اقتطاع الْوَلَد من الْوَالِد والغصن من الشَّجَرَة وَنَحْوه، وَيجوز أَن تكون " من " لابتداء الْغَايَة، على معنى: أَن أَدِلَّة الْفِقْه من الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَنَحْوهَا [هِيَ] مبدأ ظُهُوره، وَمِنْهَا ابْتِدَاء بَيَانه، وَهُوَ أظهر الْمَعْنيين فِي " من ".) انْتهى.

وَقَالَ أَيْضا: (وَزعم بَعضهم أَن تَعْرِيف الشَّيْء ب " مَا " كَانَ فِي التعريفين قَبِيح؛ لِأَن المُرَاد من التَّعْرِيف الْإِيضَاح والإفهام، وَلَفظ " مَا " شَدِيد الْإِبْهَام، فالتعريف بِهِ يُنَافِي الْمَقْصُود.

ورده بِأَن " مَا " وَإِن كَانَت شَدِيدَة الْإِبْهَام غير أَن التَّعْرِيف لَيْسَ بهَا وَحدهَا، بل بهَا وَبِمَا بعْدهَا، وبمجموعهما يحصل الْكَشْف عَن حَقِيقَة الْمَحْدُود.

<<  <  ج: ص:  >  >>