وعَلى هَذَا الْحَد - أَيْضا - إيرادات ومؤاخذات كَثِيرَة، وأجوبة عَن ذَلِك، ذكروها فِي الشُّرُوح والمتون - أَيْضا - يطول الْكتاب بذكرها.
وَهَذَا الْحَد مُوَافق لقَوْل أَصْحَابنَا: (معرفَة الْأَحْكَام لَا نفس الْأَحْكَام) ، وَيَأْتِي مَأْخَذ الْخلاف فِي حد أصُول الْفِقْه لقباً؛ فَإِن الْخلاف هُنَا كالخلاف هُنَاكَ عِنْد [كثير] مِنْهُم.
فَائِدَة: عدي الْعلم بِالْبَاء، وَالْعلم يتَعَدَّى بِنَفسِهِ، فَلَا بُد من تَأْوِيل، وَلَهُم فِي تَأْوِيله وَجْهَان أَو ثَلَاثَة:
أَحدهَا: تضمن الْعلم معنى الْإِحَاطَة بِالْأَحْكَامِ، والإحاطة تتعدى بِالْبَاء.
الثَّانِي: تكون مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره: الْعلم الْمُتَعَلّق بِالْأَحْكَامِ، فَتكون الْبَاء مُتَعَلقَة بِصفة الْعلم وَهُوَ: الْمُتَعَلّق.
لَكِن قد جَاءَت الْبَاء فِي قَوْله تَعَالَى: {ألم يعلم بِأَن الله يرى} [العلق: ١٤] ، فَيحْتَمل زيادتها، وَيحْتَمل أَن يكون (علم) متضمناً معنى (أحَاط) .
فدخول الْبَاء فِي قَوْله: (الْعلم بِالْأَحْكَامِ) أما على طَرِيق التَّضْمِين فِي الْفِعْل فَظَاهر، وَأما على طَرِيق الزِّيَادَة فِي الْفِعْل؛ فَلِأَن الْمصدر الْمَعْرُوف بِالْألف وَاللَّام ضَعِيف الْعَمَل جدا، وَإِذا ضعف تقوى بالحرف، وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن كُنْتُم للرءيا تعبرون} [يُوسُف: ٤٣] ، {ومصدقاً لما بَين يَدَيْهِ} [الْمَائِدَة: ٤٦] ، وعَلى كل تَقْدِير: هِيَ مُتَعَلقَة بِالْعلمِ، وَأما تَقْدِير مَحْذُوف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute