[المُنَافِقُونَ: ١] فراجع إِلَى تسميتهم ذَلِك شَهَادَة؛ لِأَنَّهَا مَا واطأ فِيهَا الْقلب اللِّسَان، وَإِنَّمَا اختير الأول لاضطراب النَّاس فِي ذَلِك، فَقَائِل بِأَنَّهَا إِخْبَار - كَمَا فِي كتب اللُّغَة -، وَقَائِل بِأَنَّهَا إنْشَاء؛ لِأَنَّهُ لَا يدْخلهُ تَكْذِيب شرعا، فالقائل بالثالث، رأى كلا من الْقَوْلَيْنِ لَهُ وَجه فَجمع بَينهمَا بِأَن قَالَ: ذَلِك يضمن إِخْبَارًا.
وَقَالَ الكوراني: إِن أردْت تَحْقِيق الْمَسْأَلَة فاسمع لما أَقُول: اعْلَم أَنا قد قدمنَا أَن دلَالَة الْأَلْفَاظ إِنَّمَا هِيَ على الصُّور الذهنية الْقَائِمَة بِالنَّفسِ، فَإِن أُرِيد بالْكلَام الْإِشَارَة إِلَى أَن النِّسْبَة الْقَائِمَة بِالنَّفسِ مُطَابقَة لأخرى خارجية فِي أحد الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة فَالْكَلَام خبر، سَوَاء كَانَت تِلْكَ الخارجية قَائِمَة بِالنَّفسِ أَيْضا كعلمت وظننت، أَو بِغَيْرِهِ كخرجت وَدخلت، وَإِن لم يرد مُطَابقَة تِلْكَ النِّسْبَة الذهنية لأخرى خارجية فَالْكَلَام إنْشَاء، فَإِذا قَالَ الْقَائِل: أشهد بِكَذَا، لَا يشك أحد فِي أَنه لم يقْصد أَن تِلْكَ النِّسْبَة الْقَائِمَة بِنَفسِهِ تطابق نِسْبَة أُخْرَى فِي أحد الْأَزْمِنَة، بل مُرَاده الدّلَالَة على مَا فِي نَفسه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute