توضيح ذَلِك قَوْلك: إِن زيدا قَائِم، لَو دلّ على ثُبُوت الْقيام فَحَيْثُ مَا وجد " زيد قَائِم " فَيثبت قِيَامه، وَلم يتَصَوَّر الْكَذِب فِي الْكَلَام، وَهُوَ مُخْتَار الإِمَام وَبَعض الْمُتَأَخِّرين.
وَالتَّحْقِيق فِي هَذَا الْمقَام هُوَ: أَن الْخَبَر - مثل: زيد قَائِم - إِذا صدر عَن الْمُتَكَلّم بِالْقَصْدِ يدل على الْإِيقَاع، وَهُوَ الحكم الَّذِي صدر عَن الْمُتَكَلّم، وَيدل أَيْضا على الْوُقُوع فَكل مِنْهُمَا يُسمى حكما، فاحتمال الصدْق وَالْكذب، وَصدق الْخَبَر وَكذبه فِي نفس الْأَمر إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَار الْإِيقَاع؛ لِأَنَّهُ المتصف بذلك لَا الْوُقُوع.
وَأما بِاعْتِبَار إِفَادَة الْمُخَاطب فَالْحكم هُوَ الْوُقُوع؛ لِأَنَّك إِذا قلت: زيد قَائِم - إِنَّمَا تفِيد الْمُخَاطب وُقُوع الْقيام، لَا أَنَّك أوقعت الْقيام على زيد، فَإِنَّهُ لَا يعد فَائِدَة.
فَإِن قلت: لَو دلّ - زيد قَائِم - على الْوُقُوع لم يُوجد الْكَذِب فِي خبر قطّ لِامْتِنَاع تخلف الْمَدْلُول عَن الدَّلِيل؟ !
قلت: دلَالَة اللَّفْظ على الْمَعْنى وضعية لَا عقلية فَجَاز التَّخَلُّف لمَانع، كَمَا فِي الْمجَاز؛ وَلذَلِك قَالَ بعض أَئِمَّة الْعَرَبيَّة: إِن الصدْق هُوَ مَدْلُول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute