للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

/ ثَلَاثَة أَقْوَال، قَول الأشاعرة، وَقَول الْمُعْتَزلَة، وَقَول الفلاسفة، فَقَالَ: قَالَت الأشاعرة: يجب عَادَة لَا عقلا، إِذْ لَا وجوب وَلَا إِيجَاب على الله تَعَالَى، لَكِن جرت الْعَادة بِأَن يفِيض على نفس الْمُسْتَدلّ - بعد النّظر الصَّحِيح مَادَّة وَصُورَة - مَطْلُوبَة الَّذِي توجه إِلَى تَحْصِيله.

وَذَهَبت الْمُعْتَزلَة إِلَى أَن حُصُوله بالتوليد، والتوليد هُوَ: أَن يُوجد وجود شَيْء وجود شَيْء آخر، كالنظر هُنَا فَإِنَّهُ وجد من النَّاظر بِلَا وَاسِطَة، وبواسطته تولد مِنْهُ الْمَطْلُوب، فالنظر فعل النَّاظر من غير وَاسِطَة، والنتيجة الْحَاصِلَة بعده فعله بِوَاسِطَة، فيسمى توليداً، فعندهم كل فعل صدر عَن الْحَيَوَان بِلَا وَاسِطَة يُسمى: مُبَاشرَة، وكل فعل احْتَاجَ فِي صدوره إِلَى وَاسِطَة: توليداً.

وَذَهَبت الفلاسفة إِلَى اللُّزُوم الْعقلِيّ، أَي: بعد اشْتِمَال النّظر على الشَّرَائِط الْمُعْتَبرَة لَا يجوز التَّخَلُّف بِوَجْه، لما تقرر عِنْدهم من أَن المبدأ [تَمام] الْفَيْض، وَالنَّفس بِوَاسِطَة الْمُقدمَات الْمرتبَة الْمُشْتَملَة على شَرَائِط الصِّحَّة مَادَّة وَصُورَة [قد] استعدت لقبُول الْفَيْض، فَلَا يجوز التَّخَلُّف، إِذْ لَا مَانع من الطَّرفَيْنِ.

وَالْجَوَاب: أَن الْمُخْتَار لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء، وَقد أثبتنا فِي مَحَله أَنه مُخْتَار سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وَمِمَّا يجب التَّنْبِيه لَهُ: أَن الْمُعْتَزلَة وَإِن قَالُوا بالتوليد لَكِن وافقوا الفلاسفة، إِذْ التوليد لَازم للمباشرة، كحركة الْمِفْتَاح بحركة الْيَد) .

<<  <  ج: ص:  >  >>