للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ قَالَ: وَإِطْلَاق جمَاعَة: ظَاهره يَقْتَضِي الْوُجُوب، مِنْهُم: الرَّازِيّ فِي " الْمَحْصُول " فَإِنَّهُ جعل الْأَمر بعد الْحَظْر والاستئذان، الحكم فيهمَا وَاحِد، وَاخْتَارَ أَن الْأَمر بعد الْحَظْر للْوُجُوب، فَكَذَا بعد الاسْتِئْذَان عِنْده. انْتهى.

فَإِذا علم ذَلِك لَا يَسْتَقِيم قَول القَاضِي وَابْن عقيل لما استدلا على نقض الْوضُوء بِلَحْم الْإِبِل بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِي مُسلم، لما سُئِلَ عَن التَّوَضُّؤ من لُحُوم الْإِبِل، فَقَالَ: نعم تَوَضَّأ من لُحُوم الْإِبِل.

وَمِمَّا يُقَوي الْإِشْكَال أَن فِي الحَدِيث الْأَمر بِالصَّلَاةِ فِي مرابض الْغنم، وَهُوَ بعد سُؤال، وَلَا يجب بِلَا خلاف، بل وَلَا يسْتَحبّ.

فَإِن قلت: إِذا كَانَ كَذَلِك فَلم يستحبون الْوضُوء مِنْهُ؟ والاستحباب حكم شَرْعِي يفْتَقر إِلَى دَلِيل وَعِنْدهم هَذَا الْأَمر يَقْتَضِي الْإِبَاحَة.

قلت: إِذا قيل باستحبابه فلدليل غير هَذَا الْأَمر، وَهُوَ أَن الْأكل من لُحُوم الْإِبِل يُورث قُوَّة نارية فيناسب أَن تطفأ بِالْمَاءِ كَالْوضُوءِ عِنْد الْغَضَب، وَلَو كَانَ الْوضُوء من أكل لحم الْإِبِل وَاجِبا على الْأمة، وَكلهمْ كَانُوا يَأْكُلُون لحم الْإِبِل لم يُؤَخر بَيَان وُجُوبه، حَتَّى يسْأَله سَائل فَيُجِيبهُ، فَعلم أَن مَقْصُوده أَن الْوضُوء من لحومها مَشْرُوع، وَهُوَ حق، وَالله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>