وَقَالَ فِي " الرَّوْضَة ": هُوَ لإباحة التّرْك كَقَوْلِه - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام -: " وَلَا تتوضأوا من لُحُوم الْغنم "، ثمَّ سلم أَنه للتَّحْرِيم.
وَكَذَا اخْتَار ابْن عقيل: يَقْتَضِي إِسْقَاط مَا أوجبه الْأَمر، وَأَنه وزان الْإِبَاحَة بعد الْحَظْر؛ لإخراجهما عَن جَمِيع أقسامهما.
وَغلط مَا حَكَاهُ قَول أَصْحَابنَا للتنزيه فضلا عَن التَّحْرِيم، وَقَالَ: تأكده لَا يزِيد على مُقْتَضى الْأَمر، وَقد جعلُوا تقدم الْحَظْر قرينَة.
{وَقيل: للْإِبَاحَة} ، كالقول فِي مَسْأَلَة الْأَمر بعد الْحَظْر، وَيدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي} [الْكَهْف: ٧٦] .
ووقف أَبُو الْمَعَالِي لتعارض الْأَدِلَّة، كَمَسْأَلَة الْأَمر بعد الْحَظْر، فعلى الأول - وَهُوَ الصَّحِيح - وَقَول الْجُمْهُور، وَفرق بَينه وَبَين الْأَمر بأوجه:
أَحدهَا: أَن مُقْتَضى النَّهْي وَهُوَ التّرْك مُوَافق للْأَصْل بِخِلَاف مُقْتَضى الْأَمر وَهُوَ الْفِعْل.
الثَّانِي: أَن النَّهْي لدفع مفْسدَة الْمنْهِي عَنهُ، وَالْأَمر لتَحْصِيل مصلحَة الْمَأْمُور بِهِ، واعتناء الشَّارِع بِدفع الْمَفَاسِد أَشد من جلب الْمصَالح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute