وَذهب الرَّازِيّ وَمن تبعه إِلَى إِنَّه ضَرُورِيّ من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن غير الْعلم / لَا يعلم إِلَّا بِالْعلمِ، فَلَو علم الْعلم بِغَيْرِهِ كَانَ دوراً، لكنه مَعْلُوم، فَيكون لَا بِالْغَيْر، وَهُوَ الضَّرُورِيّ.
وَالْجَوَاب - بعد تَسْلِيم كَونه مَعْلُوما -: أَن توقف تصور غير الْعلم إِنَّمَا هُوَ على حُصُول الْعلم بِغَيْرِهِ، أَعنِي علما ً جزئياً مُتَعَلقا بذلك الْغَيْر، لَا على تصور حَقِيقَة الْعلم، وَالَّذِي يُرَاد حُصُوله بالغيرإنما هُوَ تصور حَقِيقَة الْعلم لَا حُصُول جزئي مِنْهُ، فَلَا دور للِاخْتِلَاف. الثَّانِي: أَن علم كل أحد بِأَنَّهُ مَوْجُود ضَرُورِيّ، أَي: مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ، وَهَذَا علم خَاص، وَهُوَ مَسْبُوق بِالْعلمِ الْمُطلق، وَالسَّابِق على الضَّرُورِيّ ضَرُورِيّ، فالعلم الْمُطلق ضَرُورِيّ. وَالْجَوَاب: أَن الضَّرُورِيّ حُصُول الْعلم، وَهُوَ غير تصور الْعلم، الَّذِي هُوَ الْمُتَنَازع فِيهِ، وَذَلِكَ أَنه لَا يلْزم من حُصُول أَمر تصَوره، حَتَّى يتبع تصَوره حُصُوله، وَلَا تقدم تصَوره، حَتَّى يكون تصَوره شرطا لحصوله، وَإِذا كَانَ كَذَلِك جَازَ الانفكاك مُطلقًا فتغايرا، فَلَا يلْزم من كَون أَحدهمَا ضَرُورِيًّا كَون الآخر كَذَلِك.
مَعَ أَن الْفَخر الرَّازِيّ بعد كَلَامه هَذَا، حَده فِي تَقْسِيم حصر فِيهِ الْعلم وأضداده، فعد ذَلِك من تناقضه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute