للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بإفسادها إعدام لَهَا بأبلغ الطّرق؛ وَلِأَن النَّهْي عَنْهَا مَعَ ربط الحكم بهَا مفض إِلَى التَّنَاقُض فِي الْحِكْمَة؛ لِأَن نصبها سَببا يُمكن من التوسل، وَالنَّهْي منع من التوسل؛ وَلِأَن حكمهَا مَقْصُود الْآدَمِيّ ومتعلق غَرَضه، فتمكينه مِنْهُ حث على تعاطيه، وَالنَّهْي منع من التعاطي؛ لِأَنَّهُ لَو لم يفْسد الْمنْهِي عَنهُ لزم من نَفْيه، لكَونه مَطْلُوب التّرْك بِالنَّهْي حكمه للنَّهْي، وَمن ثُبُوته لكَون الْغَرَض جَوَاز التَّصَرُّف وَصِحَّته، حكم الصِّحَّة، وَذَلِكَ بَاطِل.

أما الْمُلَازمَة فلاستحالة خلو الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة عَن الْحِكْمَة.

وَأما بطلَان الثَّانِي فَلِأَن اجْتِمَاعهمَا يُؤَدِّي إِلَى خلو الحكم عَن الْحِكْمَة وَهُوَ خرق للْإِجْمَاع؛ لِأَن حِكْمَة النَّهْي إِمَّا أَن تكون راجحة على الصِّحَّة، أَو مرجوحة، أَو مُسَاوِيَة، لَا جَائِز أَن تكون مرجوحة، وَلَا مُسَاوِيَة؛ إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك لامتنع النَّهْي فَلم يبْق إِلَّا أَن تكون راجحة على حكم الصِّحَّة، وَفِي رُجْحَان النَّهْي يمْتَنع الصِّحَّة.

فَإِن قلت: التَّرْجِيح غَايَته أَن يُنَاسب نفي الصِّحَّة وَلَا يلْزم من ذَلِك نفي الْحِكْمَة إِلَّا بإيراد شَاهد بِالِاعْتِبَارِ، وَلَو ظهر كَانَ الْفساد لَازِما من الْقيَاس.

قُلْنَا: الْقَضَاء بِالْفَسَادِ لعدم الصِّحَّة، فَلَا يفْتَقر إِلَى شَاهد الِاعْتِبَار؛ وَلِأَن فِي الشرعيات منهيات بَاطِلَة وَلَا مُسْتَند لَهَا إِلَّا أَن النَّهْي للْأَصْل.

<<  <  ج: ص:  >  >>