للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورد ذَلِك ابْن دَقِيق الْعِيد فِي " شرح الْعُمْدَة "، فَقَالَ: أولع بعض أهل الْعَصْر - وَمَا قرب مِنْهُ - بِأَن قَالُوا: صِيغَة الْعُمُوم إِذا وَردت على الذوات مثلا، أَو على الْأَفْعَال كَانَت عَامَّة فِي ذَلِك، مُطلقَة فِي الزَّمَان، وَالْمَكَان، وَالْأَحْوَال، والمتعلقات.

ثمَّ قَالَ: الْمُطلق يَكْفِي فِي الْعَمَل بِهِ صُورَة وَاحِدَة فَلَا يكون حجَّة فِيمَا عداهُ، وَأَكْثرُوا من هَذَا السُّؤَال فِيمَا لَا يُحْصى كَثْرَة من أَلْفَاظ الْكتاب وَالسّنة، وَصَارَ ذَلِك ديدنا لَهُم فِي الْجِدَال.

قَالَ: وَهَذَا عندنَا بَاطِل، بل الْوَاجِب أَن مَا دلّ على الْعُمُوم فِي الذوات - مثلا - يكون دَالا على ثُبُوت الحكم فِي كل ذَات تنَاولهَا اللَّفْظ، وَلَا تخرج عَنْهَا ذَات إِلَّا بِدَلِيل يَخُصهَا، فَمن أخرج شَيْئا من تِلْكَ الذوات فقد خَالف مُقْتَضى الْعُمُوم.

مِثَال ذَلِك: إِذا قَالَ: من دخل دَاري فأعطه درهما، فتقتضي الصِّيغَة العمومة فِي كل ذَات صدق عَلَيْهَا أَنَّهَا الدَّاخِلَة.

فَإِذا قَالَ قَائِل: هُوَ مُطلق فِي الزَّمَان فأعمل بِهِ فِي الذوات الدَّاخِلَة الدَّار فِي أول النَّهَار - مثلا - وَلَا أعمل بِهِ فِي غير ذَلِك الْوَقْت؛ لِأَنَّهُ مُطلق فِي الزَّمَان، وَقد علمت بِهِ مرّة، فَلَا يلْزم أَن أعمل بِهِ أُخْرَى لعدم عُمُوم الْمُطلق.

قُلْنَا: الصِّيغَة لما دلّت على الْعُمُوم فِي كل ذَات دخلت الدَّار، وَمن جُمْلَتهَا الدَّاخِلَة فِي آخر النَّهَار، فَإِذا أخرجت تِلْكَ الذوات فقد أخرجت مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>