وَالْمرَاد بِدَلِيل الْإِجْمَاع لَا أَنه نَفسه مُخَصص؛ لِأَنَّهُ لَا يعْتَبر زمن الْوَحْي؛ إِذْ الْإِجْمَاع لَا بُد لَهُ من دَلِيل يسْتَند إِلَيْهِ، وَإِن لم نعرفه.
ومثاله: قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات}[النُّور: ٤] خص بِالْإِجْمَاع على أَن العَبْد الْقَاذِف يجلد على النّصْف من الْحر.
لَكِن قَالَ الْبرمَاوِيّ: فِي التَّمْثِيل بذلك نظر؛ لاحْتِمَال أَن يكون التَّخْصِيص بِالْقِيَاسِ، ثمَّ قَالَ: فَإِن قيل لم لَا تَقولُونَ بِأَن الْإِجْمَاع يكون نَاسِخا على معنى أَنه يتَضَمَّن نَاسِخا؟
فَجَوَابه: أَن سَنَد الْإِجْمَاع قد يكون مِمَّا لَا ينْسَخ بِهِ، فَلَيْسَ فِي كل إِجْمَاع تضمن لما يسوغ النّسخ بِهِ، وَأما التَّخْصِيص فَلَمَّا كَانَ من الْبَيَان كَانَ كل دَلِيل مُخَصّصا بِهِ. انْتهى.
وَجعل بعض الْعلمَاء من أَمْثِلَة الْمَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله ... ... كُنْتُم تعلمُونَ}[الْجُمُعَة: ٩] خص بِالْإِجْمَاع على عدم وجوب الْجُمُعَة على العَبْد وَالْمَرْأَة.