وَلم يُمكن الْجمع بَينهمَا، لَكِن أحد النصين مُوَافق للبراءة الْأَصْلِيَّة، وَالْآخر مُخَالف، فَزعم بَعضهم أَن ذَلِك الَّذِي خَالف الأَصْل وَلم يُوَافق نَاسخ للَّذي وَافق؛ لِأَن الْمُخَالف اسْتَفَادَ من الشَّرْع وَهُوَ المضاد للبراءة الْأَصْلِيَّة؛ لِأَن الِانْتِقَال من الْبَرَاءَة لاشتغال الذِّمَّة يَقِين، وَالْعود إِلَى الْإِبَاحَة ثَانِيًا شكّ فَقدم ذَلِك الَّذِي لم يُوَافق الأَصْل.
قيل: لَكِن هَذَا بِنَاء على أَن الأَصْل فِي الْأَشْيَاء الْإِبَاحَة.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: قلت: وَفِيه نظر، فَإنَّا وَلَو قُلْنَا بِأَن الأَصْل التَّحْرِيم وَكَانَ أحد النصين تَحْرِيمًا، وَالْآخر إِبَاحَة صدق أَن التَّحْرِيم مُوَافق للْأَصْل إِلَّا أَن تفرض الْمَسْأَلَة فِي خُصُوص الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة، وَلَا يَجْعَل ذَلِك مِثَالا فَقَط.
قَوْله: {وَلَا بعقل وَقِيَاس} ؛ لِأَنَّهُ لَا يكون نَاسِخا إِلَّا بتأخره عَن زمَان الْمَنْسُوخ، وَلَا يدْخل الْعقل، وَلَا الْقيَاس فِي معرفَة الْمُتَقَدّم من الْمُتَأَخر، بل إِنَّمَا يعرف بِالنَّقْلِ الْمُجَرّد، لَا غير أَو المشوب باستدلال عَقْلِي كالإجماع على أَن هَذَا الحكم مَنْسُوخ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute