وَإِنَّمَا سميت هَذِه الدّلَالَة مُطَابقَة؛ لِأَن اللَّفْظ مُوَافق لتَمام مَا وضع لَهُ، من قَوْلهم: طابق النَّعْل النَّعْل: إِذا توافقتا، فاللفظ مُوَافق للمعنى لكَونه مَوْضُوعا بإزائه.
وَدلَالَة اللَّفْظ على جُزْء مُسَمَّاهُ: دلَالَة تضمن، كدلالة الْإِنْسَان على حَيَوَان فَقَط، أَو نَاطِق فَقَط، سمي بذلك لتَضَمّنه إِيَّاه؛ لِأَنَّهُ يدل على الْجُزْء الَّذِي فِي ضمنه، فَيكون دَالا على مَا فِي ضمنه.
وَدلَالَة اللَّفْظ على لَازمه الْخَارِج - كدلالة الْإِنْسَان على كَونه ضَاحِكا أَو قَابلا صَنْعَة الْكِتَابَة -: دلَالَة الْتِزَام؛ لِأَنَّهَا دلّت على مَا هُوَ خَارج عَن الْمُسَمّى لكنه لَازم لَهُ، كَمَا مثلناه، لِأَن اللَّفْظ لَا يدل على كل أَمر خَارج عَنهُ بل على الْأَمر الْخَارِج اللَّازِم لَهُ.
وَقَوله:(وَقيل الذهْنِي) ، لم يشْتَرط أَكثر الْأُصُولِيِّينَ وأرباب الْبَيَان اللُّزُوم الذهْنِي فِي دلَالَة الِالْتِزَام؛ بل قَالُوا باللزوم مُطلقًا أَعم أَن يكون ذهنياً أَو خارجياً، وَسَوَاء كَانَ الذهْنِي فِي ذهن كل أحد كَمَا فِي الْعَدَم والملكة، أَو عِنْد الْعَالم بِالْوَضْعِ، أَو غير ذَلِك، وَلِهَذَا يجْرِي فِيهَا الوضوح والخفاء بِحَسب اخْتِلَاف الْأَشْخَاص وَالْأَحْوَال، وَذَلِكَ كدلالة الْقَرِينَة على الْمَعْنى الْمجَازِي.