للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

شرع الحكم من تَحْصِيل مصلحَة أَو تكميلها، أَو دفع مفْسدَة أَو تقليلها، لَكِن على معنى أَنَّهَا تبْعَث الْمُكَلف على الِامْتِثَال لَا أَنَّهَا باعثة للشَّرْع على ذَلِك الحكم. أَو أَنه على [وفْق] مَا جعله اللَّهِ - تَعَالَى - مصلحَة للْعَبد تفضلا عَلَيْهِ وإحسانا لَهُ لَا وجوبا على اللَّهِ تَعَالَى.

فَفِي ذَلِك بَيَان قَول الْفُقَهَاء: الْبَاعِث على الحكم / بِكَذَا هُوَ كَذَا. وَأَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ بعث الشَّارِع بل بعث الْمُكَلف على الِامْتِثَال. مثل: حفظ النَّفس باعث على تعَاطِي فعل الْقصاص الَّذِي هُوَ من فعل الْمُكَلف، أما حكم الشَّرْع فَلَا عِلّة وَلَا باعث عَلَيْهِ، فَإِذا انْقَادَ الْمُكَلف لَا متثال أَمر اللَّهِ فِي أَخذ الْقصاص مِنْهُ وَكَونه وَسِيلَة لحفظ النُّفُوس كَانَ لَهُ أَجْرَانِ: أجر على الانقياد، وَأجر على قصد حفظ النَّفس، وَكِلَاهُمَا أَمر اللَّهِ، قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {كتب عَلَيْكُم الْقصاص} [الْبَقَرَة: ١٧٨] ، {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة} [الْبَقَرَة: ١٧٩] .

وَمن أجل كَون الْعلَّة لابد من اشتمالها على حِكْمَة تَدْعُو إِلَى الِامْتِثَال، كَانَ مانعها وَصفا وجوديا يخل بحكمتها، وَيُسمى: مَانع السَّبَب، فَإِن لم يخل بحكمتها بل بالحكم فَقَط وَالْحكمَة بَاقِيَة، سمي: مَانع الحكم، وَقد تقدم ذَلِك فِي خطاب الْوَضع.

مِثَال الْمَقْصُود هُنَا وَهُوَ مَانع السَّبَب: الدّين، إِذا قُلْنَا إِنَّه مَانع لوُجُوب الزَّكَاة؛ لن حكمته السَّبَب، وَهُوَ ملك النّصاب، غنى مَالِكه، فَإِذا كَانَ مُحْتَاجا إِلَيْهِ لوفاء الدّين فَلَا غنى، فاختلت حِكْمَة السَّبَب بِهَذَا الْمَانِع.

<<  <  ج: ص:  >  >>