وَالْحق تَفْسِيرهَا بالمعرف بِمَعْنى أَنَّهَا نصبت أَمارَة يسْتَدلّ بهَا الْمُجْتَهد على وجود الحكم إِذا لم يكن عَارِفًا بِهِ، وَيجوز تخلفه فِي حق الْعَارِف، كالغيم الرطب أَمارَة الْمَطَر، وَقد يتَخَلَّف، وتخلف التَّعْرِيف بِالنِّسْبَةِ للعارف لَا يُخرجهَا عَن كَونهَا أَمارَة، فاتضح أَن الْعلَّة هِيَ الْمُعَرّف فِي الأَصْل وَالْفرع، وَلَا يلْزم الدّور) هَذَا لفظ ابْن الْعِرَاقِيّ.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: " اقْتضى نقل الْحَنَفِيَّة عَن الشَّافِعِيَّة ذَلِك: أَنهم يفسرون الْعلَّة بالمؤثر أَو الْبَاعِث، حَتَّى لَا يكون النَّص على الحكم منافيا لتعليله، بِخِلَاف مَا لَو فسرت بالمعرف فَإِنَّهُ يُنَافِي النَّص؛ لِأَن النَّص أَيْضا معرف، وَهُوَ قد عرف من التَّعْلِيل فَأَي فَائِدَة فِي النَّص، وَلَكِن الشَّافِعِيَّة لَيْسَ عِنْدهم الْعلَّة إِلَّا معرفَة لَا مُؤثرَة، أَي: أَنَّهَا أَمارَة دَالَّة على الحكم، وغايته أَن / يكون للْحكم معرفان: النَّص، وَالْعلَّة ".
ثمَّ ذكر مَا قَالَه ابْن الْحَاجِب وَغَيره ثمَّ قَالَ: وللخلاف بَينهمَا فَوَائِد كَثِيرَة، يظْهر أثر اخْتِلَاف الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة فِيهِ، خلافًا لمن زعم أَن الْخلاف لَفْظِي كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام الْآمِدِيّ، وَابْن برهَان، وَابْن الْحَاجِب، والهندي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute