للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ الطوفي فِي " مُخْتَصره ": الْمُنَاسب هُوَ مَا تتَوَقَّع الْمصلحَة عَقِيبه لرابط مَا عَقْلِي ".

قَالَ الطوفي فِي " شَرحه ": " اخْتلف فِي تَعْرِيف الْمُنَاسب، واستقصاء القَوْل [فِيهِ] من الْمُهِمَّات؛ لِأَن عَلَيْهِ مدَار الشَّرِيعَة، بل مدَار الْوُجُود؛ إِذْ لَا وجود إِلَّا وَهُوَ على وفْق الْمُنَاسبَة الْعَقْلِيَّة، لَكِن أَنْوَاع الْمُنَاسبَة تَتَفَاوَت فِي الْعُمُوم وَالْخُصُوص والخفاء والظهور، فَمَا خفيت عَنَّا مناسبته سمي تعبدا، وَمَا ظَهرت مناسبته سمي مُعَللا.

وَقَوْلنَا: الْمُنَاسب مَا تتَوَقَّع الْمصلحَة عقبه، أَي: إِذا وجد أَو إِذا سمع، أدْرك الْعقل السَّلِيم كَون ذَلِك الْوَصْف سَببا مفضيا إِلَى مصلحَة من الْمصَالح لرابط من الروابط الْعَقْلِيَّة بَين تِلْكَ الْمصلحَة، وَذَلِكَ الْوَصْف، وَهُوَ معنى قولي: لرابط مَا عَقْلِي.

مِثَاله: إِذا قيل: الْمُسكر حرَام، أدْرك الْعقل أَن تَحْرِيم الْمُسكر مفض إِلَى مصلحَة وَهِي حفظ الْعقل من الِاضْطِرَاب، وَإِذا قيل: الْقصاص مَشْرُوع، أدْرك الْعقل أَن مَشْرُوعِيَّة الْقصاص سَبَب مفض إِلَى مصلحَة وَهِي حفظ النُّفُوس.

ثمَّ قَالَ: قلت لرابط عَقْلِي، أخذا من النّسَب الَّذِي هُوَ الْقَرَابَة، فَإِن الْمُنَاسب هُنَا مستعار ومشتق من ذَلِك، وَلَا شكّ أَن المتناسبين فِي بَاب النّسَب كالأخوين وَابْني الْعم وَنَحْوه، إِنَّمَا كَانَا متناسبين لِمَعْنى رابط بَينهمَا وَهُوَ الْقَرَابَة، فَكَذَلِك الْوَصْف الْمُنَاسب هُنَا، لابد وَأَن يكون بَينه وَبَين مَا يُنَاسِبه

<<  <  ج: ص:  >  >>