رد ذَلِك: بِأَنَّهَا تتناهى لتناهي التكاليف بالقيامة، ثمَّ يجوز أَن تحدث نُصُوص غير متناهية.
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: قلت بل متناهية، لِأَن الْحَوَادِث المفتقرة إِلَى الْأَحْكَام هِيَ الْوَاقِعَة فِي دَار التَّكْلِيف، وَالْأَفْعَال فِيهَا متناهية ضَرُورَة تناهيها، أما الْجنَّة فدار جَزَاء لَا دَار تَكْلِيف. انْتهى.
الثَّانِيَة: هَل يجوز ثُبُوت كل الْأَحْكَام بِالْقِيَاسِ أم لَا؟
الْجُمْهُور: على عدم الْجَوَاز؛ لِأَن / الْقيَاس لَا بُد لَهُ من أصل، وَلِأَن فِيهَا مَا لَا يعقل مَعْنَاهُ كضرب الدِّيَة على الْعَاقِلَة، فإجراء الْقيَاس فِي مثله مُتَعَذر، لما علم أَن الْقيَاس فرع تعقل الْمَعْنى الْمُعَلل بِهِ الحكم فِي الأَصْل، وَأَيْضًا: فَإِن فِيهَا مَا تخْتَلف أَحْكَامه فَلَا يجْرِي فِيهِ.
وَجوزهُ قوم قَالُوا: كَمَا يجوز إِثْبَاتهَا كلهَا بِالنَّصِّ، وَمَعْنَاهُ: أَن كلا من الْأَحْكَام صَالح لِأَن يثبت بِالْقِيَاسِ بِأَن يدْرك مَعْنَاهُ، وَوُجُوب الدِّيَة على الْعَاقِلَة لَهُ معنى يدْرك، وَهُوَ إِعَانَة الْجَانِي فِيهَا هُوَ مَعْذُور فِيهِ، كَمَا يعان الْغَارِم لإِصْلَاح ذَات الْبَين بِمَا يصرف إِلَيْهِ من الزَّكَاة.
قلت: قد ذكر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين، وَتَبعهُ ابْن الْقيم فِي " أَعْلَام الموقعين ": أَنه لَيْسَ فِي الشَّرِيعَة مَا يُخَالف الْقيَاس وَلَا مَا لَا يعقل مَعْنَاهُ، وبينوا ذَلِك بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ، وَالله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute