وَأما إِجْمَالا فبلزوم التَّعَبُّد لَوْلَا اعْتِبَار الْمصلحَة، وَقد أبطلناه. مِثَاله: أَن يَقُول فِي الْفَسْخ فِي الْمجْلس: وجد سَبَب الْفَسْخ فيوجد الْفَسْخ، وَذَلِكَ دفع ضَرَر للمحتاج إِلَيْهِ من الْمُتَعَاقدين.
فَيُقَال: معَارض بِضَرَر آخر.
فَيَقُول: الآخر يجلب نفعا وَهَذَا يدْفع ضَرَرا، وَدفع الضَّرَر أهم عِنْد الْعُقَلَاء، وَلذَلِك يدْفع كل ضَرَر وَلَا يجلب كل نفع.
مِثَال آخر: إِذا قُلْنَا: التخلي لِلْعِبَادَةِ أفضل لما فِيهِ من تَزْكِيَة النَّفس.
فَيُقَال: لكنه يفوت أَضْعَاف تِلْكَ الْمصلحَة، مِنْهَا: إِيجَاد الْوَلَد، وكف النّظر، [وَكسر] الشَّهْوَة، وَهَذِه أرجح من مصَالح الْعِبَادَة.
فَيَقُول: بل مصلحَة الْعِبَادَة أرجح؛ لِأَنَّهَا لحفظ الدّين، وَمَا ذكرْتُمْ لحفظ النَّسْل.
القادح الثَّانِي: فِي صَلَاحِية إفضاء الحكم إِلَى الْمَقْصُود، وَهُوَ الْمصلحَة من شرع الحكم.
كَمَا لَو علل الْمُسْتَدلّ حُرْمَة الْمُصَاهَرَة على التَّأْبِيد فِي حق الْمَحَارِم إِلَى ارْتِفَاع الْحجاب بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء الْمُؤَدِّي إِلَى الْفُجُور، فَإِذا تأبد التَّحْرِيم انسد بَاب الطمع المفضي إِلَى مُقَدمَات الْهم وَالنَّظَر المفضي إِلَى ذَلِك.
فَيَقُول الْمُعْتَرض: بل سد بَاب النِّكَاح أَشد إفضاء للفجور؛ لِأَن النَّفس تميل إِلَى الْمَمْنُوع، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute