وَقَالَ القَاضِي، وَابْن عقيل، وَأَبُو الْخطاب، وَابْن الْبَنَّا، وَغَيرهم: وَهُوَ تردد الْكَلَام بَين خصمين، يطْلب كل مِنْهُمَا تَصْحِيح قَوْله وَإِبْطَال قَول خَصمه، وَقيل: إحكام كَلَامه ليرد بِهِ كَلَام خَصمه.
وَيَأْتِي كَلَام الْجَوْزِيّ فِي " الْإِيضَاح " وَتَفْسِير الفتل قَرِيبا.
وَقَالَ ابْن عقيل - أَيْضا -: " اعْلَم أَن الجدل: هُوَ الفتل للخصم عَن الْمَذْهَب بالمحاجة فِيهِ، وَلَا يَخْلُو أَن يفتل عَنهُ بِحجَّة أَو شُبْهَة، وَأما الشغب فَلَيْسَ مِمَّا يعْتد بِهِ مَذْهَب.
وَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَن يكون فَتلا على طَريقَة السُّؤَال، أَو على طَريقَة الْجَواب، فطريقة السُّؤَال: الْهدم للْمَذْهَب، كَمَا أَن طَريقَة الْجَواب: الْبناء للْمَذْهَب؛ لِأَن على الْمُجيب أَن يَبْنِي مذْهبه على الْأُصُول الصَّحِيحَة، وعَلى السَّائِل أَن يعجزه عَن ذَلِك أَو عَن ذَلِك الِانْفِصَال مِمَّا يلْزمه عَلَيْهِ من الْأُمُور الْفَاسِدَة، فأحدهما معجز عَن قِيَاس الْحجَّة على الْمَذْهَب، [و] الآخر مُبين لقِيَام الْحجَّة عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مَا يَدعِيهِ كل وَاحِد إِلَى أَن يظْهر مَا يُوجب استعلاء أَحدهمَا على الآخر بِالْحجَّةِ.
وكل جدل فَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهِ لأجل الْخلاف فِي الْمَذْهَب، وَلَو ارْتَفع الْخلاف لم يَصح جدل، وَذَلِكَ أَن السَّائِل إِذا لم يكن غَرَضه فتل الْمَسْئُول عَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute