للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السقيم، فَمن لم يحط بهَا علما كَانَ فِي مناظرته كحاطب ليل.

وَيدل عَلَيْهِ الِاشْتِقَاق، فَإِن الجدل من قَوْلك: جدلت الْحَبل أجدله جدلا: إِذا فتلته فَتلا محكما.

وَله بِهَذَا الِاشْتِقَاق مَعْنيانِ: أَحدهمَا: أَن يكون استعمالك إِيَّاه فِي محافل النّظر سَببا لفتل خصمك إِلَى موافقتك بتوجيه أدلتك وَإِبْطَال شبهته.

الثَّانِي: أَن يكون سمي بذلك لكَونه محكما للأدلة والأسئلة والأجوبة، مبرما لمنتشرها بقوانينه الْمُعْتَبرَة " انْتهى.

وَقَالَ فِي " الْوَاضِح ": " قَالَ بعض أهل الْعلم: الْغَرَض بالجدل إِصَابَة الْحق بطريقه.

فاعترضه حنبلي قَالَ: ذَلِك هُوَ النّظر؛ لِأَن غَرَض النَّاظر إِصَابَة الْحق بطريقة، لَكِن الْغَرَض بالجدل من الْمنصف نقل الْمُخَالف عَن الْبَاطِل إِلَى الْحق، وَعَن الْخَطَأ إِلَى الْإِصَابَة، وَمَا سوى هَذَا فَلَيْسَ بغرض صَحِيح، مثل: بَيَان غَلَبَة الْخصم، وصناعة المجادل " انْتهى.

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الْجَوْزِيّ فِي " الْإِيضَاح ": " أول مَا يجب الْبدَاءَة بِهِ حسن الْقَصْد فِي إِظْهَار الْحق طلبا لما عِنْد اللَّهِ، فَإِن آنس من نَفسه الحيد عَن الْغَرَض الصَّحِيح، فليكفها بِجهْدِهِ، فَإِن ملكهَا، وَإِلَّا فليترك المناظرة فِي ذَلِك الْمجْلس: وليتق السباب والمنافرة؛ فَإِنَّهُمَا يضعان الْقدر، ويكسبان الْوزر. وَإِن زل خَصمه فليوقفه على الله، غير مخجل لَهُ بالتشنيع عَلَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>