والخلاص من الْغِشّ؟ هَذَا وَالله هُوَ الْإِيَاس من الْخَيْر، والإفلاس من إِصَابَة الْحق، فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون من مُصِيبَة عَمت الْعُقَلَاء فِي أديانهم، مَعَ كَونهم فِي غَايَة التَّحْقِيق وَترك الْمُحَابَاة فِي أَمْوَالهم، وَمَا ذَاك إِلَّا لأَنهم لم يشموا ريح الْيَقِين، وَإِنَّمَا هُوَ مَحْض الشَّك وَمُجَرَّد التخمين انْتهى.
وَقَالَ ابْن عقيل فِي " الْوَاضِح ": " وكل جدل لم يكن الْغَرَض فِيهِ نصْرَة الْحق فَإِنَّهُ وبال على صَاحبه، والمضرة فِيهِ أَكثر من الْمَنْفَعَة؛ لِأَن الْمُخَالفَة توحش، وَلَوْلَا مَا يلْزم من إِنْكَار الْبَاطِل واستنقاذ الْهَالِك بِالِاجْتِهَادِ فِي رده عَن ضلالته، لما حسنت المجادلة للإيحاش فِيهَا غَالِبا، وَلَكِن فِيهَا أعظم الْمَنْفَعَة، إِذا قصد بهَا نصْرَة الْحق وَالتَّقوى على الِاجْتِهَاد ".
ونعوذ بِاللَّه من قصد المغالبة، وَبَيَان الفراهة، وَيَنْبَغِي أَن تجتنبه.
وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: طلب الرِّئَاسَة والتقدم بِالْعلمِ يهْلك، ثمَّ ذكر اشْتِغَال أَكْثَرهم فِي الجدل، وَرفع أَصْوَاتهم فِي الْمَسَاجِد، وَإِنَّمَا الْمَقْصُود الْغَلَبَة والرفعة، وإفتاء من لَيْسَ أَهلا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute