الثَّالِث: الْعَكْس: وَهُوَ مَا يسْتَدلّ بِهِ على نقيض الْمَطْلُوب، ثمَّ يبطل فَيصح الْمَطْلُوب كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} [النِّسَاء: ٨٢] ، فَإِنَّهُ اسْتدلَّ على حَقِيقَة القرين بِإِبْطَال نقيضه، وَهُوَ وجدان الِاخْتِلَاف فِيهِ فَتَأمل.
قلت: قد تقدم قِيَاس الْعَكْس فِي أول الْقيَاس وَحده فليعاود.
قَالَ الْمحلي: يدْخل فِيهِ قِيَاس الْعَكْس، وَهُوَ إِثْبَات عكس حكم شَيْء لمثله، لتعاكسهما فِي الْعلَّة كَمَا تقدم حَدِيث مُسلم: " أَيَأتِي أَحَدنَا شَهْوَته وَله فِيهَا أجر؟ قَالَ: أَرَأَيْتُم لَو وَضعهَا فِي حرَام أَكَانَ عَلَيْهِ وزر؟ " انْتهى.
قَوْله: {وَقيل: وَلَا قِيَاس عِلّة، فعلى هَذَا القَوْل دخل نفي الْفَارِق، وَقِيَاس الدّلَالَة} .
فَيكون نظم الْحَد: إِقَامَة دَلِيل لَيْسَ بِنَصّ، وَلَا إِجْمَاع، وَلَا قِيَاس عِلّة، فَيدْخل فِيهِ الْقيَاس بِنَفْي الْفَارِق، وَهُوَ الْقيَاس فِي معنى الأَصْل.
مثل: أَن نقيس الْخَالَة على الْخَال لعدم الْفَارِق بَينهمَا لَا لوُجُود عِلّة، وَيدخل فِيهِ - أَيْضا - قِيَاس الدّلَالَة، وَهُوَ قِيَاس التلازم، ونعني بِهِ إِثْبَات أحد موجبي الْعلَّة بِالْآخرِ لتلازمهما، وَهُوَ الَّذِي سَمَّاهُ قِيَاس الدّلَالَة، وهما غير داخلين فِي الْحَد الأول، فَالْأول أخص.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute