لما فَرغْنَا من تَرْجِيح المعقولين شرعنا فِي تَرْجِيح الْمَنْقُول والمعقول.
فَإِذا وَقع التَّعَارُض بَين الْقيَاس وَالْمَنْقُول الَّذِي هُوَ الْكتاب وَالسّنة، فَإِن كَانَ الْمَنْقُول خَاصّا أَو دلّ على الْمَطْلُوب بمنطوقه يرجح على الْقيَاس، لكَون الْمَنْقُول أصلا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقيَاس، وَلِأَن الْمَنْقُول مقدماته أقل فَيكون أقل خللا.
وَإِن كَانَ الْمَنْقُول خَاصّا وَدلّ على الْمَطْلُوب لَا بمنطوقه فَهُوَ يَقع على دَرَجَات، لِأَن الظَّن الْحَاصِل من الْمَنْقُول الَّذِي دلّ على الْمَطْلُوب لَا بمنطوقه، قد يكون أقوى من الظَّن الْحَاصِل من الْقيَاس، وَقد يكون مُسَاوِيا لَهُ، وَقد يكون أَضْعَف، فالترجيح فِيهِ حسب مَا يَقع للنَّاظِر، فَلهُ أَن يعْتَبر الظَّن فِيهِ وَمن الْقيَاس، وَيَأْخُذ بأقوى الظنيين.
وَإِن كَانَ الْمَنْقُول عَاما فَحكمه مَعَ الْقيَاس قد تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ فِي بَاب الْخَبَر، فَلَا حَاجَة إِلَى إِعَادَته.