للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالَ عُلَمَاء هَذَا الْفَنّ: اللَّفْظ يَنْقَسِم إِلَى: تَصْرِيح، وكناية، وتعريض، وَاخْتلف فِي الْكِنَايَة هَل هِيَ حَقِيقِيَّة أم مجَاز، أَو لَا وَاحِد مِنْهُمَا، أَو [فِيهَا] حَقِيقَة ومجاز؟ على أَقْوَال.

أَحدهَا: أَنَّهَا تَنْقَسِم إِلَى حَقِيقَة ومجاز، اخْتَارَهُ السُّبْكِيّ، وَولده التَّاج، والبرماوي، وقبلهم جمَاعَة.

فالكناية: القَوْل الْمُسْتَعْمل فِي مَعْنَاهُ الْمَوْضُوع لَهُ حَقِيقَة، وَلَكِن أُرِيد بِإِطْلَاقِهِ لَازم الْمَعْنى، كَقَوْلِهِم: كثير الرماد، يكنون عَن كرمه، فكثرة الرماد مُسْتَعْمل فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، وَلَكِن أُرِيد بِهِ لَازمه وَهُوَ الْكَرم، وَإِن كَانَ بِوَاسِطَة لَازم آخر؛ لِأَن لَازم كَثْرَة الرماد كَثْرَة الطَّبْخ، ولازم كَثْرَة الطَّبْخ كَثْرَة الضيفان، ولازم كَثْرَة الضيفان / الْكَرم، فَكل ذَلِك عَادَة، فالدلالة على الْمَعْنى الْأَصْلِيّ بِالْوَضْعِ، وعَلى اللَّازِم بانتقال الذِّهْن من الْمَلْزُوم إِلَيْهِ.

وَمثله قَوْلهم: طَوِيل النجاد، كِنَايَة عَن طول الْقَامَة؛ لِأَن نجاد الطَّوِيل يكون طَويلا بِحَسب الْعَادة، وعَلى هَذَا فَهُوَ حَقِيقَة؛ لِأَنَّهُ اسْتعْمل فِي مَعْنَاهُ وَإِن أُرِيد بِهِ اللَّازِم، فَلَا تنَافِي بَينهمَا.

وَإِن لم يرد الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ، وَإِنَّمَا عبر بالملزوم عَن اللَّازِم، بِأَن يُطلق الْمُتَكَلّم كَثْرَة الرماد على اللَّازِم وَهُوَ الْكَرم، وَطول النجاد على اللَّازِم وَهُوَ طول الْقَامَة، من غير مُلَاحظَة الْحَقِيقَة أصلا، فَهُوَ مجَاز؛ لِأَنَّهُ اسْتعْمل فِي غير

<<  <  ج: ص:  >  >>